للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْمُسْلِمِينَ فِي جَزِيرَةِ قِلَّوْرِيَةَ، وَهِيَ مُجَاوِرَةٌ لِجَزِيرَةِ صِقِلِّيَةَ، وَشَرَعُوا فِي بِنَاءِ الْمَسَاكِنِ يَنْتَظِرُونَ وُصُولَ مَرَاكِبِهِمْ وَجُمُوعِهِمْ مَعَ ابْنِ أُخْتِ الْمَلِكِ. فَبَلَغَ ذَلِكَ الْمُعِزَّ بْنَ بَادِيسَ، فَجَهَّزَ أُسْطُولًا كَبِيرًا: أَرْبَعَمِائَةِ قِطْعَةٍ، وَحَشَدَ فِيهَا، وَجَمَعَ خَلْقًا كَثِيرًا وَتَطَوَّعَ جَمْعٌ كَثِيرٌ بِالْجِهَادِ، رَغْبَةً فِي الْأَجْرِ، فَسَارَ الْأُسْطُولُ فِي كَانُونَ الثَّانِي، فَلَمَّا قَرُبَ مِنْ جَزِيرَةِ قَوْصَرَةَ، وَهِيَ قَرِيبٌ مِنْ بَرِّ إِفْرِيقِيَّةَ، خَرَجَ عَلَيْهِمْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، وَنَوْءٌ عَظِيمٌ، فَغَرِقَ أَكْثَرُهُمْ وَلَمْ يَنْجُ إِلَّا الْيَسِيرُ.

ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ ظَهَرَ أَمْرُ الْعَيَّارِينَ بِبَغْدَاذَ وَعَظُمَ شَرُّهُمْ، فَقَتَلُوا النُّفُوسَ، وَنَهَبُوا الْأَمْوَالَ، وَفَعَلُوا مَا أَرَادُوا، وَأَحْرَقُوا الْكَرْخَ، وَغَلَا السِّعْرُ بِهَا حَتَّى بِيعَ كُرُّ الْحِنْطَةِ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ قَاسَانِيَّةٍ.

وَفِيهَا قَبَضَ جَلَالُ الدَّوْلَةِ عَلَى وَزِيرِهِ أَبِي سَعْدِ بْنِ مَاكُولَا، وَاسْتَوْزَرَ ابْنَ عَمِّهِ أَبَا عَلِيِّ بْنَ مَاكُولَا.

وَفِيهَا أَرْسَلَ الْقَادِرُ بِاللَّهِ الْقَاضِيَ أَبَا جَعْفَرٍ السِّمْنَانِيَّ إِلَى قِرْوَاشٍ يَأْمُرُهُ بِإِبْعَادِ الْوَزِيرِ أَبِي الْقَاسِمِ الْمَغْرِبِيِّ وَكَانَ عِنْدَهُ، فَأَبْعَدَهُ، فَقَصَدَ نَصْرَ الدَّوْلَةِ بْنَ مَرْوَانَ بِمَيَّافَارِقِينَ (وَقَدْ تَقَدَّمَ السَّبَبُ فِيهِ) .

وَفِيهَا تُوُفِّيَ الْوَزِيرُ أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحَانِ، وَزِيرُ مُشَرِّفِ الدَّوْلَةِ أَبِي الْفَوَارِسِ، وَعُمْرُهُ سِتٌّ وَسَبْعُونَ سَنَةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>