آخِرِهِ لِعَلِيِّ بْنِ عِمْرَانَ وَالْجُوزَقَانِ فَانْهَزَمَ فَرْهَاذُ، وَأُسِرَ أَبُو مَنْصُورٍ وَأَبُو جَعْفَرٍ، ابْنَا عَمِّ عَلَاءِ الدَّوْلَةِ. فَأَمَّا أَبُو جَعْفَرٍ فَقُتِلَ (قِصَاصًا بِأَبِي الْفَرَجِ) وَأَمَّا أَبُو مَنْصُورٍ فَسُجِنَ. فَلَمَّا قُتِلَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلِمَ عَلِيُّ بْنُ عِمْرَانَ أَنَّ الْأَمْرَ قَدْ فَسَدَ مَعَ عَلَاءِ الدَّوْلَةِ وَلَا يُمْكِنُ إِصْلَاحُهُ، فَشَرَعَ فِي الِاحْتِيَاطِ.
ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ قِرْوَاشٍ وَبَنِي أَسَدٍ وَخَفَاجَةَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ اجْتَمَعَ دُبَيْسُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَزْيَدٍ الْأَسَدِيُّ وَأَبُو الْفِتْيَانِ مَنِيعُ بْنُ حَسَّانَ، أَمِيرُ بَنِي خَفَاجَةَ، وَجَمَعَا عَشَائِرَهُمَا وَغَيْرَهُمْ، وَانْضَافَ إِلَيْهِمَا عَسْكَرُ بَغْدَاذَ عَلَى قِتَالِ قِرْوَاشِ بْنِ الْمُقَلَّدِ الْعُقَيْلِيِّ.
وَكَانَ سَبَبُهُ أَنَّ خَفَاجَةَ تَعَرَّضُوا إِلَى السَّوَادِ وَمَا بِيَدِ قِرْوَاشٍ مِنْهُ، فَانْحَدَرَ مِنَ الْمَوْصِلِ لِدَفْعِهِمْ فَاسْتَعَانُوا بِدُبَيْسٍ فَسَارَ إِلَيْهِمْ، وَاجْتَمَعُوا، فَأَتَاهُمْ عَسْكَرُ بَغْدَاذَ فَالْتَقَوْا بِظَاهِرِ الْكُوفَةِ، وَهِيَ لِقِرْوَاشٍ، فَجَرَى بَيْنَ مُقَدَّمَتِهِ وَمُقَدَّمَتِهِمَا مُنَاوَشَةٌ.
وَعَلِمَ قِرْوَاشٌ أَنَّهُ لَا طَاقَةَ لَهُ بِهِمْ، فَسَارَ لَيْلًا جَرِيدَةً فِي نَفَرٍ يَسِيرٍ، وَعَلِمَ أَصْحَابُهُ بِذَلِكَ، فَتَبِعُوهُ مُنْهَزِمِينَ، فَوَصَلُوا إِلَى الْأَنْبَارِ، وَسَارَتْ أَسَدٌ وَخَفَاجَةُ خَلْفَهُمْ، فَلَمَّا قَارَبُوا الْأَنْبَارَ فَارَقَهَا قِرْوَاشٌ إِلَى حُلَلِهِ، فَلَمْ يُمْكِنْهُمُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ، وَاسْتَوْلَوْا عَلَى الْأَنْبَارِ، ثُمَّ تَفَرَّقُوا.
ذِكْرُ الْفِتْنَةِ بِبَغْدَاذَ وَطَمَعِ الْأَتْرَاكِ وَالْعَيَّارِينَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ كَثُرَ تَسَلُّطُ الْأَتْرَاكِ بِبَغْدَاذَ، فَأَكْثَرُوا مُصَادَرَاتِ النَّاسِ، وَأَخَذُوا الْأَمْوَالَ حَتَّى إِنَّهُمْ قَسَّطُوا عَلَى الْكَرْخِ خَاصَّةً مِائَةَ أَلْفِ دِينَارٍ، وَعَظُمَ الْخَطْبُ، وَزَادَ الشَّرُّ وَأُحْرِقَتِ الْمَنَازِلُ، وَالدُّرُوبُ، وَالْأَسْوَاقُ، وَدَخَلَ فِي الطَّمَعِ الْعَامَّةُ وَالْعَيَّارُونَ، فَكَانُوا يَدْخُلُونَ عَلَى الرَّجُلِ فَيُطَالِبُونَهُ بِذَخَائِرِهِ، كَمَا يَفْعَلُ السُّلْطَانُ بِمَنْ يُصَادِرُهُ، فَعَمِلَ النَّاسُ الْأَبْوَابَ عَلَى الدُّرُوبِ، فَلَمْ تُغْنِ شَيْئًا وَوَقَعَتِ الْحَرْبُ بَيْنَ الْجُنْدِ وَالْعَامَّةِ، فَظَفِرَ الْجُنْدُ، وَنَهَبُوا الْكَرْخَ وَغَيْرَهُ، فَأُخِذَ مِنْهُ مَالٌ جَلِيلٌ، وَهَلَكَ أَهْلُ السِّتْرِ وَالْخَيْرِ.
فَلَمَّا رَأَى الْقُوَّادُ وَعُقَلَاءُ الْجُنْدِ أَنَّ الْمَلِكَ أَبَا كَالِيجَارَ لَا يَصِلُ إِلَيْهِمْ، وَأَنَّ الْبِلَادَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute