للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَدْ خَرِبَتْ، وَطَمِعَ فِيهِمُ الْمُجَاوِرُونَ مِنَ الْعَرَبِ وَالْأَكْرَادِ، رَاسَلُوا جَلَالَ الدَّوْلَةِ فِي الْحُضُورِ إِلَى بَغْدَاذَ، فَحَضَرَ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ سَنَةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ.

ذِكْرُ إِصْعَادِ الْأَثِيرِ إِلَى الْمَوْصِلِ وَالْحَرْبِ الْوَاقِعَةِ بَيْنَ بَنِي عُقَيْلٍ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَصْعَدَ الْأَثِيرُ عَنْبَرٌ إِلَى الْمَوْصِلِ مِنْ بَغْدَاذَ.

وَكَانَ سَبَبُهُ أَنَّ الْأَثِيرَ كَانَ حَاكِمًا فِي الدَّوْلَةِ الْبُوَيْهِيَّةِ، مَاضِيَ الْحُكْمِ، نَافِذَ الْأَمْرِ، وَالْجُنْدُ مِنْ أَطْوَعِ النَّاسِ لَهُ، وَأَسْمَعِهِمْ لِقَوْلِهِ. فَلَمَّا كَانَ الْآنَ زَالَ ذَلِكَ، وَخَالَفَهُ الْجُنْدُ، فَزَالَتْ طَاعَتُهُ عَنْهُمْ، فَلَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَيْهِ، فَخَافَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ، فَسَارَ إِلَى قِرْوَاشٍ، فَنَدِمَ الْجُنْدُ عَلَى ذَلِكَ، وَسَأَلُوهُ أَنْ يَعُودَ فَلَمْ يَفْعَلْ وَأَصْعَدَ إِلَى الْمَوْصِلِ مَعَ قِرْوَاشٍ فَأَخَذَ مُلْكَهُ وَإِقْطَاعَهُ بِالْعِرَاقِ.

ثُمَّ إِنَّ نَجْدَةَ الدَّوْلَةِ بْنَ قُرَادٍ وَرَافِعَ بْنَ الْحُسَيْنِ جَمَعَا جَمْعًا كَثِيرًا مِنْ عُقَيْلٍ، وَانْضَمَّ إِلَيْهِمْ بَدْرَانُ أَخُو قِرْوَاشٍ وَسَارُوا يُرِيدُونَ حَرْبَ قِرْوَاشٍ، وَكَانَ قِرْوَاشٌ لَمَّا سَمِعَ خَبَرَهُمْ قَدِ اجْتَمَعَ هُوَ وَغَرِيبُ بْنُ مَقْنٍ، وَالْأَثِيرُ عَنْبَرٌ، وَأَتَاهُ مَدَدٌ مِنِ ابْنِ مَرْوَانَ فَاجْتَمَعَ فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ أَلْفِ مُقَاتِلٍ فَالْتَقَوْا عِنْدَ بَلَدٍ وَاقْتَتَلُوا، وَثَبَتَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، وَكَثُرَ الْقَتْلُ، فَفَعَلَ ثَرْوَانُ بْنُ قُرَادٍ فِعْلًا جَمِيلًا، وَذَاكَ أَنَّهُ قَصَدَ غَرِيبًا فِي وَسَطِ الْمَصَافِّ وَاعْتَنَقَهُ وَصَالَحَهُ، وَفَعَلَ أَبُو الْفَضْلِ بَدْرَانُ بْنُ الْمُقَلَّدِ بِأَخِيهِ قِرْوَاشٍ كَذَلِكَ، فَاصْطَلَحَ الْجَمِيعُ، وَأَعَادَ قِرْوَاشٌ إِلَى أَخِيهِ بَدْرَانَ مَدِينَةَ نَصِيبِينَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>