ذِكْرُ إِحْرَاقِ خَفَاجَةَ الْأَنْبَارَ وَطَاعَتِهِمْ لِأَبِي كَالِيجَارَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ مَنِيعُ بْنُ حَسَّانَ أَمِيرُ خَفَاجَةَ إِلَى الْجَامِعَيْنِ، وَهِيَ لِنُورِ الدَّوْلَةِ دُبَيْسٍ، فَنَهَبَهَا، فَسَارَ دُبَيْسٌ فِي طَلَبِهِ إِلَى الْكُوفَةِ، فَفَارَقَهَا وَقَصَدَ الْأَنْبَارَ، وَهِيَ لِقِرْوَاشٍ كَانَ اسْتَعَادَهَا بَعْدَ مَا ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ. فَلَمَّا نَازَلَهَا مَنِيعٌ قَاتَلَهُ أَهْلُهَا، فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ بِخَفَاجَةَ طَاقَةٌ، فَدَخَلَ خَفَاجَةُ الْأَنْبَارَ وَنَهَبُوهَا، وَأَحْرَقُوا أَسْوَاقَهَا، فَانْحَدَرَ قِرْوَاشٌ إِلَيْهِمْ لِيَمْنَعَهُمْ، وَكَانَ مَرِيضًا، وَمَعَهُ غَرِيبٌ وَالْأَثِيرُ عَنْبَرٌ، إِلَى الْأَنْبَارِ ثُمَّ تَرَكَهَا وَمَضَى إِلَى الْقَصْرِ، فَاشْتَدَّ طَمَعُ خَفَاجَةَ، وَعَادُوا إِلَى الْأَنْبَارِ فَأَحْرَقُوهَا مَرَّةً ثَانِيَةً.
وَسَارَ قِرْوَاشٌ إِلَى الْجَامِعَيْنِ، فَاجْتَمَعَ هُوَ وَنُورُ الدَّوْلَةِ دُبَيْسُ بْنُ مَزْيَدٍ فِي عَشَرَةِ آلَافِ مُقَاتِلٍ، (وَكَانَتْ خَفَاجَةُ فِي أَلْفٍ) ، فَلَمْ يُقْدِمْ قِرْوَاشٌ فِي ذَلِكَ الْجَيْشِ الْعَظِيمِ عَلَى هَذِهِ الْأَلْفِ، وَشَرَعَ أَهْلُ الْأَنْبَارِ فِي بِنَاءِ سُورٍ عَلَى الْبَلَدِ وَأَعَانَهُمْ قِرْوَاشٌ وَأَقَامَ عِنْدَهُمُ الشِّتَاءَ.
ثُمَّ إِنَّ مَنِيعَ بْنَ حَسَّانَ سَارَ إِلَى الْمَلِكِ أَبِي كَالِيجَارَ، فَأَطَاعَهُ، فَخَلَعَ عَلَيْهِ، (وَأَتَى مَنِيعٌ الْخَفَاجِيُّ إِلَى الْكُوفَةِ فَخَطَبَ فِيهَا لِأَبِي كَالِيجَارَ) ، وَأَزَالَ حُكْمَ عُقَيْلٍ عَنْ سَقْيِ الْفُرَاتِ.
ذِكْرُ الصُّلْحِ بِإِفْرِيقِيَّةَ بَيْنَ كُتَامَةَ وَزِنَاتَةَ وَبَيْنَ الْمُعِزِّ بْنِ بَادِيسَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَرَدَتْ رُسُلُ زِنَاتَةَ وَكُتَامَةَ إِلَى الْمُعِزِّ بْنِ بَادِيسَ، صَاحِبِ إِفْرِيقِيَّةَ، يَطْلُبُونَ مِنْهُ الصُّلْحَ، وَأَنْ يَقْبَلَ مِنْهُمُ الطَّاعَةَ وَالدُّخُولَ تَحْتَ حُكْمِهِ، وَشَرَطُوا أَنَّهُمْ يَحْفَظُونَ الطَّرِيقَ، وَأَعْطَوْا عَلَى ذَلِكَ عُهُودَهُمْ وَمَوَاثِيقَهُمْ، فَأَجَابَهُمْ إِلَى مَا سَأَلُوا، وَجَاءَتْ مَشْيَخَةُ زِنَاتَةَ وَكُتَامَةَ إِلَيْهِ، فَقَبِلَهُمْ وَأَنْزَلَهُمْ وَوَصَلَهُمْ، وَبَذَلَ لَهُمْ أَمْوَالًا جَلِيلَةً.
ذِكْرُ وَفَاةِ حَمَّادِ بْنِ الْمَنْصُورِ وَوِلَايَةِ ابْنِهِ الْقَائِدِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّيَ حَمَّادُ بْنُ بُلَكِّينَ، عَمُّ الْمُعِزِّ بْنِ بَادِيسَ، صَاحِبِ إِفْرِيقِيَّةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute