وَقَتَلَ ابْنَيْنِ لِوَلْكِينَ فِي الْمَعْرَكَةِ. وَأُسِرَ الْإِصْبَهْبَذُ وَابْنَانِ لَهُ وَوَزِيرُهُ، وَمَضَى وَلْكِينُ فِي نَفَرٍ يَسِيرٍ إِلَى جُرْجَانَ. وَقَصَدَ عَلِيُّ بْنُ عِمْرَانَ قَلْعَةَ كِنْكَوَرَ، فَتَحَصَّنَ بِهَا، فَسَارَ إِلَيْهِ عَلَاءُ الدَّوْلَةِ فَحَصَرَهُ بِهَا، وَبَقِيَ إِصْبَهْبَذُ مَحْبُوسًا عِنْدَ عَلَاءِ الدَّوْلَةِ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ.
ثُمَّ إِنَّ وَلْكِينَ بْنَ وَنَدْرِينَ سَارَ بَعْدَ خَلَاصِهِ مِنَ الْوَقْعَةِ إِلَى مُنُوجَهْرَ بْنِ قَابُوسَ، وَأَطْمَعَهُ فِي الرَّيِّ وَمُلْكِهَا، وَهَوَّنَ عَلَيْهِ أَمْرَ الْبِلَادِ لَا سِيَّمَا مَعَ اشْتِغَالِ عَلَاءِ الدَّوْلَةِ بِمُحَاصَرَةِ عَلِيِّ بْنِ عِمْرَانَ، وَانْضَافَ إِلَى ذَلِكَ أَنَّ وَلَدَ وَلْكِينَ، كَانَ صِهْرَ عَلَاءِ الدَّوْلَةِ عَلَى ابْنَتِهِ، وَقَدْ أَقْطَعَهُ عَلَاءُ الدَّوْلَةِ مَدِينَةَ قُمٍّ، فَعَصَى عَلَيْهِ وَصَارَ مَعَ أَبِيهِ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ يَحُثُّهُ عَلَى قَصْدِ الْبِلَادِ، فَسَارَ إِلَيْهَا وَمَعَهُ عَسْكَرُهُ، وَعَسَاكِرُ مُنُوجَهْرَ، حَتَّى نَزَلُوا عَلَى الرَّيِّ، وَقَاتَلُوا مَجْدَ الدَّوْلَةِ بْنَ بُوَيْهِ وَمَنْ مَعَهُ، وَجَرَى بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ وَقَائِعُ اسْتَظْهَرَ فِيهَا أَهْلُ الرَّيِّ. فَلَمَّا رَأَى عَلَاءُ الدَّوْلَةِ ذَلِكَ صَالَحَ عَلِيَّ بْنَ عِمْرَانَ.
فَلَمَّا بَلَغَ وَلْكِينَ الصُّلْحُ بَيْنَ عَلَاءِ الدَّوْلَةِ وَعَلِيِّ بْنِ عِمْرَانَ رَحَلَ عَنِ الرَّيِّ مِنْ غَيْرِ بُلُوغِ غَرَضٍ، فَتَوَجَّهَ عَلَاءُ الدَّوْلَةِ إِلَى الرَّيِّ، وَرَاسَلَ مُنُوجَهْرَ، وَوَبَّخَهُ وَتَهَدَّدَهُ، وَأَظْهَرَ قَصْدَ بِلَادِهِ، فَسَمِعَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ عِمْرَانَ قَدْ كَاتَبَ مُنُوجَهْرَ، وَأَطْمَعَهُ وَوَعَدَهُ النُّصْرَةَ، وَحَثَّهُ عَلَى الْعَوْدِ إِلَى الرَّيِّ، فَعَادَ عَلَاءُ الدَّوْلَةِ عَنْ قَصْدِ بِلَادِ مُنُوجَهْرَ، وَتَجَهَّزَ لِقَصْدِ عَلِيِّ بْنِ عِمْرَانَ، فَأَرْسَلَ ابْنُ عِمْرَانَ إِلَى مُنُوجَهْرَ يَسْتَمِدُّهُ، فَسَيَّرَ إِلَيْهِ سِتَّمِائَةِ فَارِسٍ وَرَاجِلٍ مَعَ قَائِدٍ مِنْ قُوَّادِهِ وَتَحَصَّنَ ابْنُ عِمْرَانَ، وَجَمَعَ عِنْدَهُ الذَّخَائِرَ بِكِنْكَوَرَ، وَقَصَدَهُ عَلَاءُ الدَّوْلَةِ وَحَصَرَهُ وَضَيَّقَ عَلَيْهِ، فَفَنِيَ مَا عِنْدَهُ، فَأَرْسَلَ يَطْلُبُ الصُّلْحَ، فَاشْتَرَطَ عَلَاءُ الدَّوْلَةِ أَنْ يُسَلِّمَ قَلْعَةَ كِنْكَوَرَ وَالَّذِينَ قَتَلُوا أَبَا جَعْفَرٍ ابْنَ عَمِّهِ، وَالْقَائِدَ الَّذِي سَيَّرَهُ إِلَيْهِ مُنُوجَهْرُ، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ وَسَيَّرَهُمْ إِلَيْهِ (فَقَتَلَ قَتَلَةَ) ابْنِ عَمِّهِ، وَسَجَنَ الْقَائِدَ، وَتَسَلَّمَ الْقَلْعَةَ، وَأَقْطَعَ عَلِيًّا عِوَضًا عَنْهَا مَدِينَةَ الدِّينَوَرِ، وَأَرْسَلَ مُنُوجَهْرُ إِلَى عَلَاءِ الدَّوْلَةِ فَصَالَحَهُ، فَأَطْلَقَ صَاحِبَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute