للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكْرُ اسْتِيلَاءِ مَنْصُورِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَلَى الْجَزِيرَةِ الدُّبَيْسِيَّةِ

كَانَ مَنْصُورُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْأَسَدِيُّ قَدْ مَلَكَ الْجَزِيرَةَ الدُّبَيْسِيَّةَ، وَهِيَ تُجَاوِرُ خُوزِسْتَانَ، وَنَادَى بِشِعَارِ جَلَالِ الدَّوْلَةِ، وَأَخْرَجَ صَاحِبَهَا طَرَّادَ بْنَ دُبَيْسٍ الْأَسَدِيَّ سَنَةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، فَمَاتَ طَرَّادٌ عَنْ قَرِيبٍ، فَلَمَّا مَاتَ طَرَّادٌ سَارَ ابْنُهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيٌّ إِلَى بَغْدَاذَ يَسْأَلُ أَنْ يُرْسِلَ جَلَالُ الدَّوْلَةِ مَعَهُ عَسْكَرًا إِلَى بَلَدِهِلِيُخْرِجَ مَنْصُورًا مِنْهُ وَيُسَلِّمَهُ إِلَيْهِ، وَكَانَ مَنْصُورٌ قَدْ قَطَعَ خُطْبَةَ جَلَالِ الدَّوْلَةِ وَخَطَبَ لِلْمَلِكِ أَبِي كَالِيجَارَ، فَسَيَّرَ مَعَهُ جَلَالُ الدَّوْلَةِ طَائِفَةً مِنَ الْأَتْرَاكِ، فَلَمَّا وَصَلُوا إِلَى وَاسِطٍ لَمْ يَقِفْ عَلِيُّ بْنُ طَرَّادٍ حَتَّى تَجْتَمِعَ مَعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ عَسْكَرِ وَاسِطٍ، وَسَارَ عَجِلًا.

وَاتَّفَقَ أَنَّ أَبَا صَالِحٍ كُورَكِيرَ كَانَ قَدْ هَرَبَ مِنْ جَلَالِ الدَّوْلَةِ وَهُوَ يُرِيدُ اللَّحَاقَ بِأَبِي كَالِيجَارَ، فَسَمِعَ هَذَا الْخَبَرَ، فَقَالَ لِمَنْ مَعَهُ: الْمَصْلَحَةُ أَنَّنَا نُعِينُ مَنْصُورًا، وَلَا نُمَكِّنُ عَسْكَرَ جَلَالِ الدَّوْلَةِ مِنْ إِخْرَاجِهِ، وَنَتَّخِذُ بِهَذَا الْفِعْلِ يَدًا عِنْدَ أَبِي كَالِيجَارَ. فَأَجَابُوهُ إِلَى ذَلِكَ، فَسَارَ إِلَى مَنْصُورٍ وَاجْتَمَعَ مَعَهُ، وَالْتَقَوْا هُمْ وَعَسْكَرُ جَلَالِ الدَّوْلَةِ الَّذِينَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ طَرَّادٍ بِيَسْبَرُوذَ، فَاقْتَتَلُوا، فَانْهَزَمَ عَسْكَرُ جَلَالِ الدَّوْلَةِ، وَقَتَلَ عَلِيُّ بْنُ طَرَّادٍ جَمَاعَةً كَثِيرَةً مِنَ الْأَتْرَاكِ، وَهَلَكَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُنْهَزِمِينَ بِالْعَطَشِ، وَاسْتَقَرَّ مُلْكُ مَنْصُورٍ بِهَا.

ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ الدِّزْبَرِيُّ وَعَسَاكِرُ مِصْرَ إِلَى الشَّامِ، فَأَوْقَعُوا بِصَالِحِ بْنِ مِرْدَاسٍ وَابْنِ الْجَرَّاحِ الطَّائِيِّ، فَهَزَمَهُمَا، وَقَتَلَ صَالِحًا وَابْنَهُ الْأَصْغَرَ، وَمَلَكَ جَمِيعَ الشَّامِ، (وَقِيلَ سَنَةَ عِشْرِينَ) [وَأَرْبَعِمِائَةٍ] .

<<  <  ج: ص:  >  >>