فَكَاشَفُوهُ وَحَمَلُوا عَلَيْهِ، وَنَادَوْا بِشِعَارِ أَبِي كَالِيجَارَ، فَعَادَ مُنْهَزِمًا فِي الْمَاءِ إِلَى الْبَصْرَةِ، وَنَهَبَ بَخْتَيَارُ نَهْرَ الدَّيْرِ وَالْأُبُلَّةِ وَغَيْرَهُمَا مِنَ السَّوَادِ، وَأَعَانَهُ الدَّيْلَمُ، وَنَهَبَ الْأَتْرَاكُ أَيْضًا، وَارْتَكَبُوا الْمَحْظُورَ، وَنَهَبُوا دَارَ بِنْتِ الْأَوْحَدِ بْنِ مُكْرَمٍ زَوْجَةِ جَلَالِ الدَّوْلَةِ.
ذِكْرُ اسْتِيلَاءِ أَبِي كَالِيجَارَ عَلَى الْبَصْرَةِ
لَمَّا بَلَغَ الْمَلِكَ أَبَا كَالِيجَارَ مَا كَانَ بِالْبَصْرَةِ سَيَّرَ جَيْشًا إِلَى بَخْتَيَارَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَقْصِدَ الْبَصْرَةَ فَيَأْخُذَهَا. فَسَارُوا إِلَيْهَا، وَبِهَا الْمَلِكُ الْعَزِيزُ بْنُ جَلَالِ الدَّوْلَةِ فَقَاتَلَهُمْ لِيَمْنَعَهُمْ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ بِهِمْ قُوَّةٌ، فَانْهَزَمَ مِنْهُمْ، وَفَارَقَ الْبَصْرَةَ، وَكَادَ يَهْلِكُ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ عَطَشًا، فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِمَطَرٍ جُودٍ، فَشَرِبُوا مِنْهُ، وَأَصْعَدُوا إِلَى وَاسِطٍ.
وَمَلَكَ عَسْكَرُ أَبِي كَالِيجَارَ الْبَصْرَةَ، وَنَهَبَ الدَّيْلَمُ أَسْوَاقَهَا، وَسَلِمَ مِنْهَا الْبَعْضُ بِمَالٍ بَذَلُوهُ لِمَنْ يَحْمِيهِمْ، وَتَتَبَّعُوا أَمْوَالَ أَصْحَابِ جَلَالِ الدَّوْلَةِ مِنَ الْأَتْرَاكِ وَغَيْرِهِمْ. فَلَمَّا بَلَغَ جَلَالَ الدَّوْلَةِ الْخَبَرُ أَرَادَ الِانْحِدَارَ إِلَى وَاسِطٍ، فَلَمْ يُوَافِقْهُ الْجُنْدُ، وَطَلَبُوا مِنْهُ مَالًا يُفَرَّقُ فِيهِمْ، فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ، فَمَدَّ يَدَهُ فِي مُصَادَرَاتِ النَّاسِ وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ لَا سِيَّمَا أَرْبَابَ الْأَمْوَالِ، فَصَادَرَ جَمَاعَةً.
ذِكْرُ وَفَاةِ صَاحِبِ كِرْمَانَ وَاسْتِيلَاءِ أَبِي كَالِيجَارَ عَلَيْهَا
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي ذِي الْقَعْدَةِ، تُوُفِّيَ قِوَامُ الدَّوْلَةِ أَبُو الْفَوَارِسِ بْنُ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ، صَاحِبُ كِرْمَانَ، وَكَانَ قَدْ تَجَهَّزَ لِقَصْدِ بِلَادِ فَارِسَ، وَجَمَعَ عَسْكَرًا كَثِيرًا، فَأَدْرَكَهُ أَجَلُهُ. فَلَمَّا تُوُفِّيَ نَادَى أَصْحَابُهُ بِشِعَارِ الْمَلِكِ أَبِي كَالِيجَارَ، وَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ يَطْلُبُونَهُ إِلَيْهِمْ، فَسَارَ مُجِدًّا، وَمَلَكَ الْبِلَادَ بِغَيْرِ حَرْبٍ وَلَا قِتَالٍ، وَأَمِنَ النَّاسُ مَعَهُ، وَكَانُوا يَكْرَهُونَ عَمَّهُ أَبَا الْفَوَارِسِ لِظُلْمِهِ وَسُوءِ سِيرَتِهِ، وَكَانَ إِذَا شَرِبَ ضَرَبَ أَصْحَابَهُ، وَضَرَبَ وَزِيرَهُ يَوْمًا مِائَتَيْ مِقْرَعَةٍ، وَحَلَّفَهُ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَتَأَوَّهُ، وَلَا يُخْبِرُ بِذَلِكَ أَحَدًا، فَقِيلَ إِنَّهُمْ سَمُّوهُ فَمَاتَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute