وَأَكْثَرُوا الْقَتْلَ، وَغَنِمُوا وَسَبَوْا، وَعَادُوا إِلَى أُرْمِيَةَ وَأَعْمَالِ أَبِي الْهَيْجَاءِ الْهُذْبَانِيِّ، فَقَاتَلَهُمْ أَكْرَادُهَا لِمَا أَنْكَرُوهُ مِنْ سُوءِ مُجَاوَرَتِهِمْ، فَقُتِلَ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَنَهَبَ الْغُزُّ سَوَادَ الْبِلَادِ هُنَاكَ، وَقَتَلُوا مِنَ الْأَكْرَادِ كَثِيرًا.
ذِكْرُ مُلْكِ الْغُزِّ هَمَذَانَ
قَدْ ذَكَرْنَا حِصَارَ الْغُزِّ هَمَذَانَ وَصُلْحَهُمْ مَعَ صَاحِبِهَا أَبِي كَالِيجَارَ بْنِ عَلَاءِ الدَّوْلَةِ بْنِ كَاكَوَيْهِ، فَلَمَّا كَانَ الْآنَ، وَمَلَكَ الْغُزُّ الرَّيَّ، عَاوَدُوا حِصَارَ هَمَذَانَ، وَسَارُوا إِلَيْهَا مِنَ الرَّيِّ، مَا عَدَا قَزَلَ وَجَمَاعَتَهُ، وَاجْتَمَعُوا مَعَ مَنْ بِهَا مِنَ الْغُزِّ. فَلَمَّا سَمِعَ أَبُو كَالِيجَارَ بِهِمْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَيْهِمْ، فَسَارَ عَنْهَا وَمَعَهُ وُجُوهُ التُّجَّارِ وَأَعْيَانُ الْبَلَدِ، وَتَحَصَّنَ بِكِنْكِوَرَ.
وَدَخَلَ الْغُزُّ هَمَذَانَ سَنَةَ ثَلَاثِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَاجْتَمَعَ عَلَيْهَا مِنْ مُقَدَّمِيهِمْ:
كُوكَتَاشُ، (وَبُوقَا، وَقَزَلُ) ، وَمَعَهُمْ فَنَّاخَسْرُو بْنُ مَجْدِ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهِ فِي عُدَّةٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الدَّيْلَمِ، فَلَمَّا دَخَلُوهَا نَهَبُوهَا نَهْبًا مُنْكَرًا لَمْ يَفْعَلُوهُ بِغَيْرِهَا مِنَ الْبِلَادِ، غَيْظًا مِنْهُمْ، وَحُنْقًا عَلَيْهِمْ، حَيْثُ قَاتَلُوهُمْ أَوَّلًا وَأَخَذُوا الْحُرَمَ، وَضُرِبَتْ سَرَايَاهُمْ إِلَى أَسَدَابَاذَ وَقُرَى الدِّينَوَرِ، وَاسْتَبَاحُوا تِلْكَ النَّوَاحِي، وَكَانَ الدَّيْلَمُ أَشَدَّهُمْ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ أَبُو الْفَتْحِ بْنُ أَبِي الشَّوْكِ،، صَاحِبُ الدِّينَوَرِ، فَوَاقَعَهُمْ، وَاسْتَظْهَرَ عَلَيْهِمْ، وَأَسَرَ مِنْهُمْ جَمَاعَةً فَرَاسَلَهُ أُمَرَاؤُهُمْ فِي إِطْلَاقِهِمْ، فَامْتَنَعَ إِلَّا عَلَى صُلْحٍ وَعُهُودٍ، فَأَجَابُوهُ وَصَالَحُوهُ فَأَطْلَقَهُمْ.
ثُمَّ إِنَّ الْغُزَّ بِهَمَذَانَ رَاسَلُوا أَبَا كَالِيجَارَ عَلَاءَ الدَّوْلَةِ وَصَالَحُوهُ، وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَنْزِلَ إِلَيْهِمْ لِيُدَبِّرَ أَمْرَهُمْ، وَيَصْدُرُونَ عَنْ رَأْيِهِ، وَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ زَوْجَتَهُ الَّتِي تَزَوَّجَهَا مِنْهُمْ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ، فَلَمَّا صَارَ مَعَهُمْ وَثَبُوا عَلَيْهِ فَانْهَزَمَ، وَنَهَبُوا مَالَهُ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ دَوَابَّ وَغَيْرِهَا. فَسَمِعَ أَبُوهُ فَخَرَجَ مِنْ أَصْبَهَانَ إِلَى أَعْمَالِهِ بِالْجَبَلِ لِيُشَاهِدَهَا، فَوَقَعَ بِطَائِفَةٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الْغُزِّ، فَظَفِرَ بِهِمْ، وَقَتَلَ مِنْهُمْ فَأَكْثَرَ، وَأَسَرَ مِثْلَهُمْ، وَدَخَلَ أَصْبَهَانَ مَنْصُورًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute