للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَرِّهِمْ، فَاصْطَلَحَ أَبُو الْهَيْجَاءِ بْنُ رَبِيبِ الدَّوْلَةِ وَوَهْسُوذَانُ صَاحِبُ أَذْرَبِيجَانَ وَاتَّفَقَتْ كَلِمَتُهُمَا، وَاجْتَمَعَ مَعَهُمَا أَهْلُ تِلْكَ الْبِلَادِ، فَانْتَصَفُوا مِنَ الْغُزِّ.، فَلَمَّا رَأَوُا اجْتِمَاعَ أَهْلِ الْبِلَادِ عَلَى حَرْبِهِمُ انْصَرَفُوا عَنْ أَذْرَبِيجَانَ، وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِمُ الْمُقَامُ بِهَا، ثُمَّ إِنَّهُمُ افْتَرَقُوا، فَسَارَ طَائِفَةٌ إِلَى (الَّذِينَ عَلَى) الرَّيِّ، وَمُقَدَّمُهُمْ بُوقَا، وَسَارَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ، وَمُقَدَّمُهُمْ مَنْصُورٌ وَكُوكَتَاشُ إِلَى هَمَذَانَ فَحَصَرُوهَا، وَبِهَا أَبُو كَالِيجَارَ بْنُ عَلَاءِ الدَّوْلَةِ بْنِ كَاكَوَيْهِ، فَاتَّفَقَ هُوَ وَأَهْلُ الْبِلَادِ عَلَى قِتَالِهِمْ، وَدَفْعِهِمْ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَبَلَدِهِمْ فَقُتِلَ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ، وَطَالَ مُقَامُهُمْ عَلَى هَمَذَانَ، فَلَمَّا رَأَى أَبُو كَالِيجَارَ بْنُ عَلَاءِ الدَّوْلَةِ ذَلِكَ، وَضَعْفَهُ عَنْ مُقَاوَمَتِهِمْ، رَاسَلَ كُوكَتَاشَ وَصَالَحَهُ وَصَاهَرَهُ.

وَأَمَّا الَّذِينَ قَصَدُوا الرَّيَّ فَإِنَّهُمْ حَصَرُوهَا، وَبِهَا عَلَاءُ الدَّوْلَةِ بْنُ كَاكَوَيْهِ، وَاجْتَمَعَ مَعَهُمْ فَنَّاخَسْرُو بْنُ مَجْدِ الدَّوْلَةِ، وَكَامْرُو الدَّيْلَمِيُّ، صَاحِبُ سَاوَةَ، فَكَثُرَ جَمْعُهُمْ، وَاشْتَدَّتْ شَوْكَتُهُمْ. فَلَمَّا رَأَى عَلَاءُ الدَّوْلَةِ أَنَّهُمْ كُلَّمَا جَاءَ أَمْرُهُمُ ازْدَادُوا قُوَّةً، وَضَعُفَ هُوَ، خَافَ عَلَى نَفْسِهِ، وَفَارَقَ الْبَلَدَ فِي رَجَبٍ لَيْلًا، وَمَضَى هَارِبًا إِلَى أَصْبَهَانَ، وَأَجْفَلَ أَهْلُ الْبَلَدِ وَتَمَزَّقُوا، وَعَدَلُوا عَنِ الْقِتَالِ إِلَى الِاحْتِيَالِ لِلْهَرَبِ، وَغَادَاهُمُ الْغُزُّ مِنَ الْغَدِ الْقِتَالَ، فَلَمْ يَثْبُتُوا لَهُمْ، وَدَخَلُوا الْبَلَدَ، وَنَهَبُوا نَهْبًا فَاحِشًا، وَسَبَوُا النِّسَاءَ، وَبَقُوا كَذَلِكَ خَمْسَةَ أَيَّامٍ، حَتَّى لَجَأَ الْحُرَمُ إِلَى الْجَامِعِ، وَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي كُلِّ مَذْهَبٍ وَمَهْرَبٍ، وَكَانَ السَّعِيدُ مَنْ نَجَا بِنَفْسِهِ، وَكَانَتْ هَذِهِ الْوَقْعَةُ بَعْدَ الَّتِي تَقَدَّمَتْهَا مُسْتَأْصِلَةً، حَتَّى قِيلَ إِنَّ بَعْضَ الْجُمَعِ لَمْ يَكُنْ بِالْجَامِعِ إِلَّا خَمْسُونَ نَفْسًا.

وَلَمَّا فَارَقَ عَلَاءُ الدَّوْلَةِ الرَّيَّ تَبِعَهُ جَمْعٌ مِنَ الْغُزِّ فَلَمْ يُدْرِكُوهُ فَعَدَلُوا إِلَى كَرَجَ فَنَهَبُوهَا، وَفَعَلُوا فِيهَا الْأَفَاعِيلَ الْقَبِيحَةَ. وَمَضَى طَائِفَةٌ مِنْهُمْ وَمُقَدَّمُهُمْ نَاصُغْلِي، إِلَى قَزْوِينَ، فَقَاتَلَهُمْ أَهْلُهَا، ثُمَّ صَالَحُوهُمْ عَلَى سَبْعَةِ آلَافِ دِينَارٍ، وَصَارُوا فِي طَاعَتِهِ.

وَكَانَ بِأُرْمِيَةَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ، فَسَارُوا إِلَى بَلَدِ الْأَرْمَنِ، فَأَوْقَعُوا بِهِمْ وَأَثْخَنُو فِيهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>