ذِكْرُ وُصُولِ عَلَاءِ الدَّوْلَةِ إِلَى الرَّيِّ وَاتِّفَاقِهِ مَعَ الْغُزِّ وَعَوْدِهِمْ إِلَى الْخِلَافِ عَلَيْهِ
لَمَّا فَارَقَ الْغُزُّ الرَّيَّ إِلَى أَذْرَبِيجَانَ عَلِمَ عَلَاءُ الدَّوْلَةِ ذَلِكَ، فَسَارَ إِلَيْهَا، وَدَخَلَهَا وَهُوَ يُظْهِرُ طَاعَةَ السُّلْطَانِ مَسْعُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي سَهْلٍ الْحَمْدُونِيِّ يَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ يُقَرِّرَ الَّذِي عَلَيْهِ بِمَالٍ يُؤَدِّيهِ فَامْتَنَعَ مِنْ إِجَابَتِهِ مَخَافَةَ عَلَاءِ الدَّوْلَةِ فَأَرْسَلَ إِلَى الْغُزِّ يَسْتَدْعِيهِمْ لِيُعْطِيَهُمُ الْأَقْطَاعَ، وَيَتَقَوَّى بِهِمْ عَلَى الْحَمْدُونِيِّ، فَعَادَ مِنْهُمْ نَحْوُ أَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ، مُقَدَّمُهُمْ قَزَلُ، وَسَارَ الْبَاقُونَ إِلَى أَذْرَبِيجَانَ.
فَلَمَّا وَصَلَ الْغُزُّ إِلَى عَلَاءِ الدَّوْلَةِ أَحْسَنَ إِلَيْهِمْ، وَتَمَسَّكَ بِهِمْ، وَأَقَامُوا عِنْدَهُ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى بَعْضِ الْقُوَّادِ الْخُرَاسَانِيَّةِ الَّذِينَ عِنْدَهُ أَنَّهُ دَعَا الْغُزَّ إِلَى مُوَافَقَتِهِ عَلَى الْخُرُوجِ عَلَيْهِ وَالْعِصْيَانِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عَلَاءُ الدَّوْلَةِ وَأَحْضَرَهُ وَقَبَضَ عَلَيْهِ، وَسَجَنَهُ فِي قَلْعَةِ طَبَرَكَ، فَاسْتَوْحَشَ الْغُزُّ لِذَلِكَ وَنَفَرُوا فَاجْتَهَدَ عَلَاءُ الدَّوْلَةِ فِي تَسْكِينِهِمْ فَلَمْ يَفْعَلُوا وَعَاوَدُوا الْفَسَادَ وَالنَّهْبَ وَقَطْعَ الطَّرِيقِ، وَعَادَ عَلَاءُ الدَّوْلَةِ فَرَاسَلَ أَبَا سَهْلٍ الْحَمْدُونِيَّ، وَهُوَ بِطَبَرِسْتَانَ، وَقَرَّرَ مَعَهُ أَمْرَ الرَّيِّ لِيَكُونَ فِي طَاعَةِ مَسْعُودٍ، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ، وَسَارَ إِلَى نَيْسَابُورَ وَبَقِيَ عَلَاءُ الدَّوْلَةِ بِالرَّيِّ.
ذِكْرُ مَا كَانَ مِنَ الْغُزِّ الَّذِينَ بِأَذْرَبِيجَانَ وَمُفَارَقَتِهَا
قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ طَائِفَةً مِنَ الْغُزِّ وَصَلُوا إِلَى أَذْرَبِيجَانَ، فَأَكْرَمَهُمْ وَهْسُوذَانُ، وَصَاهَرَهُمْ، رَجَاءَ نَصْرِهِمْ وَكَفِّ شَرِّهِمْ.
وَكَانَ أَسْمَاءُ مُقَدَّمِيهِمْ: بُوقَا، وَكُوكَتَاشُ، وَمَنْصُورٌ، وَدَانَا، وَكَانَ مَا أَمَّلَهُ بَعِيدًا فَإِنَّهُمْ لَمْ يَتْرُكُوا الشَّرَّ وَالْفَسَادَ، وَالْقَتْلَ وَالنَّهْبَ، وَسَارُوا إِلَى مَرَاغَةَ، فَدَخَلُوهَا سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ [وَأَرْبَعِمِائَةٍ] ، وَأَحْرَقُوا جَامِعَهَا، وَقَتَلُوا مِنْ عَوَامِّهَا مَقْتَلَةً كَثِيرَةً، وَمِنَ الْأَكْرَادِ الْهُذْبَانِيَّةِ كَذَلِكَ، وَعَظُمَ الْأَمْرُ، وَاشْتَدَّ الْبَلَاءُ.
فَلَمَّا رَأَى الْأَكْرَادُ مَا حَلَّ بِهِمْ وَبِأَهْلِ الْبِلَادِ شَرَعُوا فِي الصُّلْحِ وَالِاتِّفَاقِ عَلَى دَفْعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute