الْجَبَلَ وَتَحَصَّنُوا بِهِ وَدَخَلَ الْغُزُّ الْبَلَدَ وَنَهَبُوا، وَانْتَقَلُوا إِلَى سِمْنَانَ فَفَعَلُوا فِيهَا مِثْلَ ذَلِكَ، وَدَخَلُوا خُوَارَ الرَّيِّ فَفَعَلُوا مِثْلَهُ، وَنَهَبُوا إِسْحَاقَ آبَاذَ وَمَا يُجَاوِرُهَا مِنَ الْقُرَى، وَسَارُوا إِلَى مُشْكُوَيْهِ مِنْ أَعْمَالِ الرَّيِّ فَنَهَبُوهَا.
وَتَجَهَّزَ أَبُو سَهْلٍ الْحَمْدُونِيُّ، وَتَاشُ فِرَاشَ، وَكَاتَبَا الْمَلِكَ مَسْعُودًا، وَصَاحِبَ جُرْجَانَ وَطَبَرِسْتَانَ بِالْحَالِ، وَطَلَبَا النَّجْدَةَ، وَأَخَذَ تَاشُ ثَلَاثَةَ آلَافِ فَارِسٍ، وَمَا عِنْدَهُ مِنَ الْفِيَلَةِ وَالسِّلَاحِ وَسَارَ إِلَى الْغُزِّ لِيُوَاقِعَهُمْ، وَبَلَغَهُمْ خَبَرُهُ،، فَتَرَكُوا نِسَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَمَا غَنِمُوا مِنْ خُرَاسَانَ وَهَذِهِ الْبِلَادِ الْمَذْكُورَةِ، وَسَارُوا جَرِيدَةً، فَالْتَقَوْا فَرَكِبَ تَاشُ الْفِيلَ، وَوَقَعَتِ الْحَرْبُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ، فَكَانَتْ أَوَّلًا لِتَاشَ، ثُمَّ إِنَّ الْغُزَّ أَسَرُوا مُقَدَّمَ الْأَكْرَادِ الَّذِينَ مَعَ تَاشَ، وَأَرَادُوا قَتْلَهُ، فَقَالَ لَهُمْ: اسْتَبْقُونِي حَتَّى آمُرَ الْأَكْرَادَ (الَّذِينَ مَعَ تَاشَ) بِتَرْكِ قِتَالِهِمْ، فَتَرَكُوهُ، وَعَاهَدُوهُ عَلَى إِطْلَاقِهِ، فَأَرْسَلَ إِلَى الْأَكْرَادِ يَقُولُ لَهُمْ: إِنْ قَاتَلَهُمْ قُتِلْتُ ; فَفَتَرُوا فِي الْقِتَالِ.
وَحَمَلَتِ الْغُزُّ، وَكَانُوا خَمْسَةَ آلَافٍ، عَلَى تَاشَ فِرَاشَ وَعَسْكَرِهِ، فَانْهَزَمَ الْأَكْرَادُ، وَثَبَتَ تَاشُ، وَأَصْحَابُهُ، فَقَتَلَ الْغُزُّ الْفِيلَ الَّذِي تَحْتَهُ فَسَقَطَ فَقَتَلُوهُ وَقَطَّعُوهُ أَخْذًا بِثَأْرِ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ، وَقُتِلَ مَعَهُ عَدَدٌ كَثِيرٌ مِنَ الْخُرَاسَانِيَّةِ وَأَكَابِرِ الْقُوَّادِ وَغَنِمُوا بَقِيَّةَ الْفِيَلَةِ وَأَثْقَالِ الْعَسْكَرِ، وَسَارُوا إِلَى الرَّيِّ فَاقْتَتَلُوا هُمْ وَأَبُو سَهْلٍ الْحَمْدُونِيُّ. وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْجُنْدِ وَأَهْلِ الْبَلَدِ فَصَعِدَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ قَلْعَةَ طَبَرَكَ، وَدَخَلَ الْغُزُّ الْبَلَدَ، وَنَهَبُوا عِدَّةَ مَحَالٍّ نَهْبًا اجْتَاحُوا [بِهِ] الْأَمْوَالَ، ثُمَّ اقْتَتَلُوا هُمْ وَأَبُو سَهْلٍ، فَأَسَرَ مِنْهُمُ ابْنَ أُخْتٍ لِيَغْمُرَ أَمِيرِ الْغُزِّ وَقَائِدًا كَبِيرًا مِنْ قُوَّادِهِمْ، فَبَذَلُوا فِيهِمَا إِعَادَةَ مَا أَخَذُوا مِنْ عَسْكَرِ تَاشَ، وَإِطْلَاقَ الْأَسْرَى، وَحَمْلَ ثَلَاثِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، فَقَالَ: لَا أَفْعَلُ إِلَّا بِأَمْرِ السُّلْطَانِ.
وَخَرَجَ الْغُزُّ عَنِ الْبَلَدِ، وَوَصَلَ عَسْكَرٌ مِنْ جُرْجَانَ، فَلَمَّا قَرَبُوا مِنَ الرَّيِّ سَارَ إِلَيْهِمُ الْغُزُّ فَكَبَسُوهُمْ، وَأَسَرُوا مُقَدَّمَهُمْ، وَأَسَرُوا مَعَهُ نَحْوَ أَلْفَيْ رَجُلٍ، وَانْهَزَمَ الْبَاقُونَ وَعَادُوا، وَكَانَ هَذَا سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute