خُوَارَزْمُ الْقَدِيمَةُ، فَنَزَلَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ مِنَ الْجَبَلِ إِلَى الْبِلَادِ فَنَهَبُوا، وَأَخْرَبُوا وَقَتَلُوا، فَجَرَّدَ مَحْمُودُ بْنُ سُبُكْتِكِينَ إِلَيْهِمْ أَرْسَلَانَ الْجَاذِبَ، أَمِيرَ طُوسَ فَسَارَ إِلَيْهِمْ، وَلَمْ يَزَلْ يَتْبَعُهُمْ نَحْوَ سَنَتَيْنِ فِي جُمُوعٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الْعَسَاكِرِ، فَاضْطَرَّ مَحْمُودٌ إِلَى قَصْدِ خُرَاسَانَ بِسَبَبِهِمْ، فَسَارَ يَطْلُبُهُمْ مِنْ نَيْسَابُورَ إِلَى دِهِسْتَانَ، فَسَارُوا إِلَى جُرْجَانَ، ثُمَّ عَادَ عَنْهُمْ، وَجَعَلَ ابْنَهُ مَسْعُودًا بِالرَّيِّ، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فَاسْتَخْدَمَ بَعْضَهُمْ وَمُقَدَّمُهُمْ يَغْمُرُ.
فَلَمَّا مَاتَ مَحْمُودُ بْنُ سُبُكْتِكِينَ سَارَ مَسْعُودٌ ابْنُهُ إِلَى خُرَاسَانَ وَهُمْ مَعَهُ، فَلَمَّا مَلَكَ غَزْنَةَ سَأَلُوهُ فِيمَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ بِجَبَلِ بَلْجَانَ، فَأَذِنَ لَهُمْ فِي الْعَوْدِ عَلَى شَرْطِ الطَّاعَةِ وَالِاسْتِقَامَةِ.
ثُمَّ إِنَّ مَسْعُودًا قَصَدَ بِلَادَ الْهِنْدِ عِنْدَ عِصْيَانِ أَحْمَدَ يَنَالْتِكِينَ، فَعَاوَدُوا الْفَسَادَ، فَسَيَّرَ تَاشَ فِرَاشَ فِي عَسْكَرٍ كَثِيرٍ إِلَى الرَّيِّ لِأَخْذِهَا مِنْ عَلَاءِ الدَّوْلَةِ فَلَمَّا بَلَغَ نَيْسَابُورَ، وَرَأَى سُوءَ فِعْلِهِمْ، دَعَا مُقَدَّمِيهِمْ، وَقَتَلَ مِنْهُمْ نَيِّفًا وَخَمْسِينَ رَجُلًا، فِيهِمْ يَغْمُرُ، فَلَمْ يَنْتَهُوا، وَسَارُوا إِلَى الرَّيِّ.
وَبَلَغَ مَسْعُودًا مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الشَّرِّ وَالْفَسَادِ، فَأَخَذَ حُلَلَهُمْ، وَسَيَّرَهَا إِلَى الْهِنْدِ، وَقَطَعَ أَيْدِي كَثِيرٍ مِنْهُمْ وَأَرْجُلِهِمْ وَصَلَبَهُمْ.
هَذِهِ أَخْبَارُ عَشِيرَةِ أَرْسَلَانِ بْنِ سَلْجُوقَ، وَأَمَّا أَخْبَارُ طُغْرُلْبَكَ، وَدَاوُدَ، وَأَخِيهِمَا بِيغُو، فَإِنَّهُمْ كَانُوا بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ، وَكَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ مَا نَذْكُرُهُ بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّهُمْ صَارُوا مُلُوكًا تَجِيءُ أَخْبَارُهُمْ عَلَى السِّنِينَ.
وَلَمَّا أَوْقَعَ تَاشُ فِرَاشُ حَاجِبُ السُّلْطَانِ مَسْعُودٍ بِالْغُزِّ سَارُوا إِلَى الرَّيِّ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ أَذْرَبِيجَانَ، وَاللَّحَاقَ بِمَنْ مَضَى مِنْهُمْ أَوَّلًا إِلَى هُنَاكَ، وَيُسَمَّوْنَ الْعِرَاقِيَّةَ، وَكَانَ اسْمُ أُمَرَاءِ هَذِهِ الطَّائِفَةِ كُوكْتَاشَ، وَبُوقَا، وَقَزَلَ، وَيَغْمُرَ، وَنَاصِغْلِي، فَوَصَلُوا إِلَى الدَّامَغَانِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ عَسْكَرُهَا وَأَهْلُ الْبَلَدِ لِيَمْنَعُوهُمْ عَنْهُ، فَلَمْ يَقْدِرُوا، فَصَعِدُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute