مَرْوَانَ، سَارَ بَعْضُهُمْ إِلَى دِيَارِ بَكْرٍ مَعَ أُمَرَائِهِمُ الْمَذْكُورِينَ، وَسَارَ الْبَاقُونَ إِلَى الْبَقْعَاءِ، وَنَزَلُوا بَرْقَعِيدَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ قِرْوَاشٌ صَاحِبُ الْمَوْصِلِ مَنْ يَنْظُرُ فِيهِمْ، وَيَغِيرُ عَلَيْهِمْ. فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ تَقَدَّمُوا إِلَى الْمَوْصِلِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ يَسْتَعْطِفُهُمْ وَيَلِينُ لَهُمْ، وَبَذَلَ لَهُمْ ثَلَاثَةَ آلَافِ دِينَارٍ فَلَمْ يَقْبَلُوا فَأَعَادَ مُرَاسَلَتَهُمْ ثَانِيَةً، فَطَلَبُوا خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِينَارٍ، فَالْتَزَمَهَا، وَأَحْضَرَ أَهْلَ الْبَلَدِ وَأَعْلَمَهُمُ الْحَالَ.
فَبَيْنَمَا هُمْ بِجَمْعِ الْمَالِ وَصَلَ الْغُزُّ إِلَى الْمَوْصِلِ وَنَزَلُوا بِالْحَصْبَاءِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ قِرْوَاشٌ وَأَجْنَادُهُ وَالْعَامَّةُ فَقَاتَلُوهُمْ عَامَّةَ نَهَارِهِمْ وَأَدْرَكَهُمُ اللَّيْلُ فَافْتَرَقُوا فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ عَادُوا إِلَى الْقِتَالِ فَانْهَزَمَتِ الْعَرَبُ وَأَهْلُ الْبَلَدِ، وَهَرَبَ قِرْوَاشٌ فِي سَفِينَةٍ نَزَلَهَا مِنْ دَارِهِ، وَخَرَجَ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ إِلَّا الشَّيْءَ الْيَسِيرَ، وَدَخَلَ الْغُزُّ الْبَلَدَ فَنَهَبُوا كَثِيرًا مِنْهُ، وَنَهَبُوا جَمِيعَ مَا لِقِرْوَاشٍ مِنْ مَالٍ وَجَوْهَرٍ وَحُلِيٍّ وَثِيَابٍ وَأَثَاثٍ، وَنَجَا قِرْوَاشٌ فِي السَّفِينَةِ وَمَعَهُ نَفَرٌ، فَوَصَلَ إِلَى السِّنِّ وَأَقَامَ بِهَا، وَأَرْسَلَ إِلَى الْمَلِكِ جَلَالِ الدَّوْلَةِ يُعَرِّفُهُ الْحَالَ، وَيَطْلُبُ النَّجْدَةَ، وَأَرْسَلَ إِلَى دُبَيْسِ بْنِ مَزْيَدٍ وَغَيْرِهِ مَنْ أُمَرَاءِ الْعَرَبِ وَالْأَكْرَادِ يَسْتَمِدُّهُمْ وَيَشْكُو مَا نَزَلَ بِهِ.
وَعَمِلَ الْغُزُّ بِأَهْلِ الْمَوْصِلِ الْأَعْمَالَ الشَّنِيعَةَ مِنَ الْفَتْكِ وَهَتْكِ الْحَرِيمِ وَنَهْبِ الْمَالِ، وَسَلِمَ عِدَّةُ مَحَالٍّ مِنْهَا سِكَّةُ أَبِي نَجِيحٍ، وَالْجَصَّاصَةُ، وَجَارَسُوكَ، وَشَاطِئُ نَهْرٍ، وَبَابُ الْقَصَّابِينَ عَلَى مَالٍ ضَمِنُوهُ، فَكَفُّوا عَنْهُمْ.
ذِكْرُ وُثُوبِ أَهْلِ الْمَوْصِلِ بِالْغُزِّ وَمَا كَانَ مِنْهُمْ
قَدْ ذَكَرْنَا مُلْكَ الْغُزِّ الْمَوْصِلَ، فَلَمَّا اسْتَقَرُّوا فِيهَا قَسَّطُوا عَلَى أَهْلِهَا عِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ وَأَخَذُوهَا، ثُمَّ تَتَبَّعُوا النَّاسَ وَأَخَذُوا كَثِيرًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ بِحُجَّةِ أَمْوَالِ الْعَرَبِ، ثُمَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute