للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَغْلَظَتَا لَهُ وَقَالَتَا: حَمَلَكَ الْحِرْصُ عَلَى الْمُلْكِ الَّذِي لَا يَتِمُّ لَكَ عَلَى قَتْلِ أَبِيكَ وَإِخْوَتِكَ. فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ بَكَى بُكَاءً شَدِيدًا وَرَمَى التَّاجَ عَنْ رَأْسِهِ وَلَمْ يَزَلْ مَهْمُومًا مُدْنَفًا. وَيُقَالُ: إِنَّهُ أَبَادَ مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ. وَفَشَا الطَّاعُونُ فِي أَيَّامِهِ فَهَلَكَ مِنَ الْفُرْسِ أَكْثَرُهُمْ، ثُمَّ هَلَكَ هُوَ. وَكَانَ مُلْكُهُ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ.

ذِكْرُ مُلْكِ أَرْدَشِيرَ

وَكَانَ عُمْرُهُ سَبْعَ سِنِينَ.

فَلَمَّا تُوُفِّيَ شِيرَوَيْهِ مَلَّكَ الْفُرْسُ عَلَيْهِمُ ابْنَهُ أَرْدَشِيرَ، وَحَضَنَهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ بَهَادِرُ جُسْنَسْ، مَرْتَبَتُهُ رِئَاسَةُ أَصْحَابِ الْمَائِدَةِ، فَأَحْسَنَ سِيَاسَةَ الْمُلْكِ، فَبَلَغَ مِنْ إِحْكَامِهِ ذَلِكَ مَا لَمْ يُحَسَّ مَعَهُ بِحَدَاثَةِ سِنِّ أَرْدَشِيرَ.

وَكَانَ شَهْرَبَرَازُ بِثَغْرِ الرُّومِ فِي جُنْدٍ ضَمَّهُمْ إِلَيْهِ كِسْرَى أَبْرَوِيزُ، وَكَانَ قَدْ صَلَحَ لَهُ بَعْدَهُ مَا فَعَلَ بِالرُّومِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ، وَكَانَ يُنْفِذُ لَهُ الْخُلَعَ وَالْهَدَايَا، وَكَانَ أَبْرَوِيزُ وَشِيرَوَيْهِ يُكَاتِبَانِهِ وَيَسْتَشِيرَانِهِ، فَلَمَّا لَمْ يُشَاوِرْهُ عُظَمَاءُ الْفُرْسِ فِي تَمْلِيكِ أَرْدَشِيرَ اتَّخَذَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إِلَى التَّعَنُّتِ، وَبَسَطَ يَدَهُ فِي الْقَتْلِ، وَجَعَلَهُ سَبَبًا لِلطَّمَعِ فِي الْمُلْكِ احْتِقَارًا لِأَرْدَشِيرَ لِصِغَرِ سِنِّهِ، فَأَقْبَلَ بِجُنْدِهِ نَحْوَ الْمَدَائِنِ، فَتَحَوَّلَ أَرْدَشِيرُ وَبَهَادِرُ جُسْنَسْ وَمَنْ بَقِيَ مِنْ نَسْلِ الْمَلِكِ إِلَى مَدِينَةِ طَيْسَفُونْ، فَحَاصَرَهُمْ شَهْرَبَرَازُ وَنَصَبَ عَلَيْهِمُ الْمَجَانِيقَ فَلَمْ يَظْفَرْ بِشَيْءٍ، فَأَتَاهَا مِنْ قِبَلِ الْمَكِيدَةِ، فَلَمْ يَزَلْ يَخْدَعُ رَئِيسَ الْحَرَسِ وَأَصْبَهْبَذَ نِيمَرُوذَ، حَتَّى فَتَحَا لَهُ بَابَ الْمَدِينَةِ فَدَخَلَهَا، وَقَتَلَ جَمَاعَةً مِنَ الرُّؤَسَاءِ وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ وَقَتَلَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ أَرْدَشِيرَ فِي إِيوَانِ خُسْرُوشَاهْ قُبَاذَ بِأَمْرِ شَهْرَبَرَازَ.

وَكَانَ مُلْكُهُ سَنَةً وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>