السُّرْعَةِ، وَيُخَوِّفُونَهُ مِنْ أَخِيهِ مَسْعُودٍ، فَحِينَ بَلَغَهُ الْخَبَرُ سَارَ إِلَى غَزْنَةَ، فَوَصَلَهَا بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَاجْتَمَعَتِ الْعَسَاكِرُ عَلَى طَاعَتِهِ، وَفَرَّقَ فِيهِمُ الْأَمْوَالَ وَالْخِلَعَ النَّفِيسَةَ، فَأَسْرَفَ فِي ذَلِكَ.
ذِكْرُ مُلْكِ مَسْعُودٍ وَخَلْعِ مُحَمَّدٍ
لَمَّا تُوُفِّيَ يَمِينُ الدَّوْلَةِ كَانَ ابْنُهُ مَسْعُودٌ بِأَصْبَهَانَ، فَلَمَّا بَلَغَهُ الْخَبَرُ سَارَ إِلَى خُرَاسَانَ، وَاسْتَخْلَفَ بِأَصْبَهَانَ بَعْضَ أَصْحَابِهِ فِي طَائِفَةٍ مِنَ الْعَسْكَرِ، فَحِينَ فَارَقَهَا ثَارَ أَهْلُهَا بِالْوَالِي عَلَيْهِمْ بَعْدَهُ فَقَتَلُوهُ، وَقَتَلُوا مَنْ مَعَهُ مِنَ الْجُنْدِ.
وَأَتَى مَسْعُودًا الْخَبَرُ، فَعَادَ إِلَيْهَا وَحَصَرَهَا وَفَتَحَهَا عَنْوَةً، وَقَتَلَ فِيهَا فَأَكْثَرَ، وَنَهَبَ الْأَمْوَالَ، وَاسْتَخْلَفَ فِيهَا رَجُلًا كَافِيًا، وَكَتَبَ إِلَى أَخِيهِ مُحَمَّدٍ يُعْلِمُهُ بِذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَا يُرِيدُ مِنَ الْبِلَادِ الَّتِي وَصَّى لَهُ أَبُوهُ بِهَا شَيْئًا، وَأَنَّهُ يَكْتَفِي بِمَا فَتَحَهُ مِنْ بِلَادِ طَبَرِسْتَانَ، وَبَلَدِ الْجَبَلِ، وَأَصْبَهَانَ، وَغَيْرِهَا، وَيَطْلُبُ مِنْهُ الْمُوَافَقَةَ، وَأَنْ يُقَدِّمَهُ فِي الْخُطْبَةِ عَلَى نَفْسِهِ، فَأَجَابَهُ مُحَمَّدٌ جَوَابَ مُغَالِطٍ.
وَكَانَ مَسْعُودٌ قَدْ وَصَلَ إِلَى الرَّيِّ، فَأَحْسَنَ إِلَى أَهْلِهَا، وَسَارَ مِنْهَا إِلَى نَيْسَابُورَ فَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَأَمَّا مُحَمَّدٌ فَإِنَّهُ أَخَذَ عَلَى عَسْكَرِهِ الْعُهُودَ وَالْمَوَاثِيقَ عَلَى الْمُنَاصَحَةِ لَهُ، وَالشَّدِّ مِنْهُ، وَسَارَ فِي عَسَاكِرِهِ إِلَى أَخِيهِ مَسْعُودٍ مُحَارِبًا لَهُ، وَكَانَ بَعْضُ عَسَاكِرِهِ يَمِيلُ إِلَى أَخِيهِ مَسْعُودٍ لِكِبَرِهِ وَشَجَاعَتِهِ وَلِأَنَّهُ قَدِ اعْتَادَ التَّقَدُّمَ عَلَى الْجُيُوشِ وَفَتْحَ الْبِلَادِ، وَبَعْضُهَا يَخَافُهُ لِقُوَّةِ نَفْسِهِ.
وَكَانَ مُحَمَّدٌ قَدْ جَعَلَ مُقَدَّمَ جَيْشِهِ عَمَّهُ يُوسُفَ بْنَ سُبُكْتِكِينَ، فَلَمَّا هَمَّ الرُّكُوبَ، فِي دَارِهِ بِغَزْنَةَ، لِيَسِيرَ سَقَطَتْ قَلَنْسُوَتُهُ مِنْ رَأْسِهِ، فَتَطَيَّرَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَلْتُونَتَاشُ، صَاحِبُ خُوَارَزْمَ، وَكَانَ مِنْ أَعْيَانِ أَصْحَابِ أَبِيهِ مَحْمُودٍ، يُشِيرُ عَلَيْهِ بِمُوَافَقَةِ أَخِيهِ وَتَرْكِ مُخَالَفَتِهِ، فَلَمْ يُصْغِ إِلَى قَوْلِهِ، وَسَارَ فَوَصَلَ إِلَى تَكْنَابَاذَ أَوَّلَ يَوْمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute