أَبِي كَالِيجَارَ. فَأَرْسَلَهُ إِلَيْهِ فَأَطْلَقَهُ، فَاتَّفَقَ أَنَّ غُلَامًا لَهُ وَجَارِيَةً اجْتَمَعَا عَلَى فَسَادٍ، فَعَلِمَ بِهِمَا، وَعَرَفَا أَنَّهُ قَدْ عَلِمَ حَالَهُمَا، فَقَتَلَاهُ بَعْدَ أَسْرِهِ بِنَحْوٍ مِنْ شَهْرٍ.
وَكَانَ قَدْ أَحْدَثَ فِي وِلَايَتِهِ رُسُومًا جَائِرَةً وَسَنَّ سُنُنًا سَيِّئَةً مِنْهَا جِبَايَةُ سُوقِ الدَّقِيقِ، وَمَقَالِي الْبَاذِنْجَانِ، وَسُمَيْرِيَّاتِ الْمَشَارِعِ، وَدِلَالَةِ مَا يُبَاعُ مِنَ الْأَمْتِعَةِ، وَأُجَرِ الْحَمَّالِينَ الَّذِينَ يَرْفَعُونَ التُّمُورَ إِلَى السُّفُنِ، وَبِمَا يُعْطِيهِ الذَّبَّاحُونَ لِلْيَهُودِ، فَجَرَى فِي ذَلِكَ مُنَاوَشَةٌ بَيْنَ الْعَامَّةِ وَالْجُنْدِ.
ذِكْرُ اسْتِيلَاءِ عَسْكَرِ جَلَالِ الدَّوْلَةِ عَلَى الْبَصْرَةِ وَأَخْذِهَا مِنْهُمْ
لَمَّا انْحَدَرَ الْوَزِيرُ أَبُو عَلِيِّ بْنُ مَاكُولَا إِلَى الْبَصْرَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ لَمْ يَسْتَصْحِبْ مَعَهُ الْأَجْنَادَ الْبَصْرِيِّينَ الَّذِينَ مَعَ جَلَالِ الدَّوْلَةِ، تَأْنِيسًا لِلدَّيْلَمِ الَّذِينَ بِالْبَصْرَةِ فَلَمَّا أُصِيبَ، عَلَى مَا ذَكَرْنَا، تَجَهَّزَ هَؤُلَاءِ الْبَصْرِيُّونَ وَانْحَدَرُوا إِلَى الْبَصْرَةِ، فَوَصَلُوا إِلَيْهَا، وَقَاتَلُوا مَنْ بِهَا مِنْ عَسْكَرِ أَبِي كَالِيجَارَ، فَانْهَزَمَ عَسْكَرُ أَبِي كَالِيجَارَ، وَدَخَلَ عَسْكَرُ جَلَالِ الدَّوْلَةِ الْبَصْرَةَ فِي شَعْبَانَ.
وَاجْتَمَعَ عَسْكَرُ أَبِي كَالِيجَارَ بِالْأُبُلَّةِ مَعَ بَخْتَيَارَ، فَأَقَامُوا بِهَا يَسْتَعِدُّونَ لِلْعَوْدِ وَكَتَبُوا إِلَى أَبِي كَالِيجَارَ يَسْتَمِدُّونَهُ فَسَيَّرَ إِلَيْهِمْ عَسْكَرًا كَثِيرًا مَعَ وَزِيرِهِ ذِي السَّعَادَاتِ أَبِي الْفَرَجِ بْنِ فَسَانْجَسَ، فَقَدِمُوا إِلَى الْأُبُلَّةِ، وَاجْتَمَعُوا مَعَ بَخْتَيَارَ، وَوَقَعَ الشُّرُوعُ فِي قِتَالِ مَنْ بِالْبَصْرَةِ مِنْ أَصْحَابِ جَلَالِ الدَّوْلَةِ فَسَيَّرَ بَخْتَيَارُ جَمْعًا كَثِيرًا فِي عِدَّةٍ مِنَ السُّفُنِ فَقَاتَلُوهُمْ. فَنُصِرَ أَصْحَابُ جَلَالِ الدَّوْلَةِ عَلَيْهِمْ وَهَزَمُوهُمْ، فَوَبَّخَهُمْ بَخْتَيَارُ، وَسَارَ مِنْ وَقْتِهِ فِي الْعَدَدِ الْكَثِيرِ، وَالسُّفُنِ الْكَثِيرَةِ، فَاقْتَتَلُوا. وَاشْتَدَّ الْقِتَالُ، فَانْهَزَمَ بَخْتَيَارُ وَقُتِلَ مِنْ أَصْحَابِهِ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ وَأُخِذَ هُوَ فَقُتِلَ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لِقَتْلِهِ. وَأَخَذُوا كَثِيرًا مِنْ سُفُنِهِ وَعَادَ كُلُّ فَرِيقٍ إِلَى مَوْضِعِهِ.
وَعَزَمَ الْأَتْرَاكُ مِنْ أَصْحَابِ جَلَالِ الدَّوْلَةِ عَلَى مُبَاكَرَةِ الْحَرْبِ، وَإِتْمَامِ الْهَزِيمَةِ، وَطَالَبُوا الْعَامِلَ الَّذِي عَلَى الْبَصْرَةِ بِالْمَالِ، وَاخْتَلَفُوا، وَتَنَازَعُوا فِي الْإِقْطَاعَاتِ، فَأَصْعَدَ ابْنُ الْمَعْبَرَانِيِّ، صَاحِبُ الْبَطِيحَةِ، فَسَارَ إِلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَتْرَاكِ الْوَاسِطِيِّينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute