وَكَانَ لَهُ فِي الرُّهَا بُرْجَانِ حَصِينَانِ أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنَ الْآخَرِ، فَتَسَلَّمَ ابْنُ عُطَيْرٍ الْكَبِيرَ، وَابْنُ شِبْلٍ الصَّغِيرَ، وَبَقِيَتِ الْمَدِينَةُ مَعَهُمَا إِلَى هَذِهِ السَّنَةِ، فَرَاسَلَ ابْنُ عُطَيْرٍ أَرْمَانُوسَ مَلِكَ الرُّومَ، وَبَاعَهُ حِصَّتَهُ مِنَ الرُّهَا بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَعِدَّةِ قَرَايَا مِنْ جُمْلَتِهَا قَرْيَةٌ تُعْرَفُ إِلَى الْآنِ بِسِنِّ ابْنِ عُطَيْرٍ، وَتَسَلَّمُوا الْبُرْجَ الَّذِي لَهُ، وَدَخَلُوا الْبَلَدَ فَمَلَكُوهُ، وَهَرَبَ مِنْهُ أَصْحَابُ ابْنِ شِبْلٍ، وَقَتَلَ الرُّومُ الْمُسْلِمِينَ، وَخَرَّبُوا الْمَسَاجِدَ.
وَسَمِعَ نَصْرُ الدَّوْلَةِ الْخَبَرَ، فَسَيَّرَ جَيْشًا إِلَى الرُّهَا، فَحَصَرُوهَا وَفَتَحُوهَا عَنْوَةً، وَاعْتَصَمَ مَنْ بِهَا مِنَ الرُّومِ بِالْبُرْجَيْنِ، وَاحْتَمَى النَّصَارَى بِالْبِيعَةِ الَّتِي لَهُمْ، وَهِيَ مِنْ أَكْبَرِ الْبِيَعِ وَأَحْسَنِهَا عِمَارَةً، فَحَصَرَهُمُ الْمُسْلِمُونَ بِهَا، وَأَخْرَجُوهُمْ، وَقَتَلُوا أَكْثَرَهُمْ، وَنَهَبُوا الْبَلَدَ، وَبَقِيَ الرُّومُ فِي الْبُرْجَيْنِ، وَسَيَّرَ إِلَيْهِمْ عَسْكَرًا نَحْوَ عَشَرَةِ آلَافِ مُقَاتِلٍ، فَانْهَزَمَ أَصْحَابُ ابْنِ مَرْوَانَ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ، وَدَخَلُوا الْبَلَدَ وَمَا جَاوَرَهُمْ مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَصَالَحَهُمُ ابْنُ وَثَّابٍ النُّمَيْرِيُّ عَلَى حَرَّانَ وَسَرُوجَ وَحَمَلَ إِلَيْهِمْ خَرَاجًا.
ذِكْرُ مُلْكِ مَسْعُودِ بْنِ مَحْمُودٍ كِرْمَانَ وَعَوْدِ عَسْكَرِهِ عَنْهَا
وَفِيهَا سَارَتْ عَسَاكِرُ خُرَاسَانَ إِلَى كِرْمَانَ فَمَلَكُوهَا، وَكَانَتْ لِلْمَلِكِ أَبِي كَالِيجَارَ، فَاحْتَمَى عَسْكَرُهُ بِمَدِينَةِ بَرْدَسِيرَ، وَحَصَرَهُمُ الْخُرَاسَانِيُّونَ فِيهَا، وَجَرَى بَيْنَهُمْ عِدَّةُ وَقَائِعَ، وَأَرْسَلُوا إِلَى الْمَلِكِ أَبِي كَالِيجَارَ يَطْلُبُونَ الْمَدَدَ فَسَيَّرَ إِلَيْهِمُ الْعَادِلَ بَهْرَامَ بْنَ مَافَنَّةَ فِي عَسْكَرٍ كَثِيفٍ، ثُمَّ إِنَّ الَّذِينَ بِبَرْدَسِيرَ خَرَجُوا إِلَى الْخُرَاسَانِيَّةِ فَوَاقَعُوهُمْ، وَاشْتَدَّ الْقِتَالُ، وَصَبَرُوا لَهُمْ، فَأَجْلَتِ الْوَقْعَةُ عَنْ هَزِيمَةِ الْخُرَاسَانِيَّةِ، وَتَبِعَهُمُ الدَّيْلَمُ حَتَّى أَبْعَدُوا، ثُمَّ عَادُوا إِلَى بَرْدَسِيرَ.
وَوَصَلَ الْعَادِلُ عَقِيبَ ذَلِكَ إِلَى جِيرَفْتَ، وَسَيَّرَ عَسْكَرَهُ إِلَى الْخُرَاسَانِيَّةِ وَهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute