بِأَطْرَافِ الْبِلَادِ، فَوَاقَعُوهُمْ، فَانْهَزَمَ الْخُرَاسَانِيَّةُ، وَدَخَلُوا الْمَفَازَةَ عَائِدِينَ إِلَى خُرَاسَانَ، وَأَقَامَ الْعَادِلُ بِكِرْمَانَ إِلَى أَنْ أَصْلَحَ أُمُورَهَا وَعَادَ إِلَى فَارِسَ.
ذِكْرُ وَفَاةِ الْقَادِرِ بِاللَّهِ وَشَيْءٍ مِنْ سِيرَتِهِ وَخِلَافَةِ الْقَائِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي ذِي الْحِجَّةِ، تُوُفِّيَ الْإِمَامُ الْقَادِرُ بِاللَّهِ، أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَعُمْرُهُ سِتٌّ وَثَمَانُونَ سَنَةً وَعَشَرَةُ أَشْهُرٍ، وَخِلَافَتُهُ إِحْدَى وَأَرْبَعُونَ سَنَةً وَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَعِشْرُونَ يَوْمًا، وَكَانَتِ الْخِلَافَةُ قَبْلَهُ قَدْ طَمِعَ فِيهَا الدَّيْلَمُ وَالْأَتْرَاكُ، فَلَمَّا وَلِيَهَا الْقَادِرُ بِاللَّهِ أَعَادَ جِدَّتَهَا، وَجَدَّدَ نَامُوسَهَا، وَأَلْقَى اللَّهُ هَيْبَتَهُ فِي قُلُوبِ الْخَلْقِ فَأَطَاعُوهُ أَحْسَنَ طَاعَةٍ وَأَتَمَّهَا.
وَكَانَ حَلِيمًا، كَرِيمًا، خَيِّرًا يُحِبُّ الْخَيْرَ وَأَهْلَهُ، وَيَأْمُرُ بِهِ، وَيَنْهَى عَنِ الشَّرِّ وَيَبْغَضُ أَهْلَهُ، وَكَانَ حَسَنَ الِاعْتِقَادِ، صَنَّفَ فِيهِ كِتَابًا عَلَى مَذْهَبِ السُّنَّةِ.
وَلَمَّا تُوُفِّيَ صَلَّى عَلَيْهِ ابْنُهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ اللَّهِ، وَكَانَ الْقَادِرُ بِاللَّهِ أَبْيَضَ حَسَنَ الْجِسْمِ، كَثَّ اللِّحْيَةِ، طَوِيلَهَا، يَخْضِبُ، وَكَانَ يَخْرُجُ مِنْ دَارِهِ فِي زِيِّ الْعَامَّةِ وَيَزُورُ قُبُورَ الصَّالِحِينَ، كَقَبْرِ مَعْرُوفٍ وَغَيْرِهِ، وَإِذَا وَصَلَ إِلَيْهِ حَالٌ أَمَرَ فِيهِ بِالْحَقِّ.
قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ بْنُ هَارُونَ: كَانَ بِالْكَرْخِ مِلْكٌ لِيَتِيمٍ وَكَانَ لَهُ فِيهِ قِيمَةٌ جَيِّدَةٌ، فَأَرْسَلَ إِلَيَّ ابْنُ حَاجِبٍ النُّعْمَانُ، وَهُوَ حَاجِبُ الْقَادِرِ. يَأْمُرُنِي أَنْ أَفُكَّ عَنْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute