للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكْرُ اسْتِيلَاءِ جَلَالِ الدَّوْلَةِ عَلَى الْبَصْرَةِ وَخُرُوجِهَا عَنْ طَاعَتِهِ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَتْ عَسَاكِرُ جَلَالِ الدَّوْلَةِ مَعَ وَلَدِهِ الْمَلِكِ الْعَزِيزِ فَدَخَلُوا الْبَصْرَةَ فِي جُمَادَى الْأُولَى.

وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ بَخْتَيَارَ مُتَوَلِّي الْبَصْرَةِ تُوُفِّيَ، فَقَامَ بَعْدَهُ ظُهَيْرُ الدِّينِ أَبُو الْقَاسِمِ خَالُ وَلَدِهِ لِجَلَدٍ كَانَ فِيهِ، وَكِفَايَةٍ، وَهُوَ فِي طَاعَةِ الْمَلِكِ أَبِي كَالِيجَارَ، وَدَامَ كَذَلِكَ، فَقِيلَ لِأَبِي كَالِيجَارَ: إِنَّ أَبَا الْقَاسِمِ لَيْسَ لَكَ مِنْ طَاعَتِهِ غَيْرُ الِاسْمِ، وَلَوْ رُمْتَ عَزْلَهُ لَتَعَذَّرَ عَلَيْكَ.

وَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا الْقَاسِمِ، فَاسْتَعَدَّ لِلِامْتِنَاعِ وَأَرْسَلَ أَبُو كَالِيجَارَ إِلَيْهِ يَعْزِلُهُ فَامْتَنَعَ، وَأَظْهَرَ طَاعَةَ جَلَالِ الدَّوْلَةِ. وَخَطَبَ لَهُ، وَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِهِ، وَهُوَ بِوَاسِطٍ، يَطْلُبُهُ، فَانْحَدَرَ إِلَيْهِ فِي عَسَاكِرِ أَبِيهِ الَّتِي كَانَتْ مَعَهُ بِوَاسِطٍ وَدَخَلُوا الْبَصْرَةَ وَأَقَامُوا بِهَا، وَأَخْرَجُوا عَسَاكِرَ أَبِي كَالِيجَارَ مِنْهَا. وَبَقِيَ الْمَلِكُ الْعَزِيزُ بِالْبَصْرَةِ مَعَ أَبِي الْقَاسِمِ إِلَى أَنْ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ [وَأَرْبَعِمِائَةٍ] وَلَيْسَ لَهُ مَعَهُ أَمْرٌ، وَالْحُكْمُ إِلَى أَبِي الْقَاسِمِ.

ثُمَّ إِنَّهُ أَرَادَ الْقَبْضَ عَلَى بَعْضِ الدَّيْلَمِ، فَهَرَبَ وَدَخَلَ دَارَ الْمَلِكِ الْعَزِيزِ مُسْتَجِيرًا، فَاجْتَمَعَ الدَّيْلَمُ إِلَيْهِ، وَشَكَوْا مِنْ أَبِي الْقَاسِمِ، فَصَادَفَتْ شَكْوَاهُمْ صَدْرًا مُوغَرًا حَنِقًا عَلَيْهِ لِسُوءِ صُحْبَتِهِ، فَأَجَابَهُمْ إِلَى مَا أَرَادُوهُ مِنْ إِخْرَاجِهِ عَنِ الْبَصْرَةِ، وَاجْتَمَعُوا، وَعَلِمَ أَبُو الْقَاسِمِ بِذَلِكَ فَامْتَنَعَ بِالْأُبُلَّةِ، وَجَمَعَ أَصْحَابَهُ وَجَرَى بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ حُرُوبٌ كَثِيرَةٌ أَجْلَتْ عَنْ خُرُوجِ الْعَزِيزِ عَنِ الْبَصْرَةِ وَعَوْدِهِ إِلَى وَاسِطٍ، وَعَوْدِ أَبِي الْقَاسِمِ إِلَى طَاعَةِ أَبِي كَالِيجَارَ.

ذِكْرُ إِخْرَاجِ جَلَالِ الدَّوْلَةِ مِنْ دَارِ الْمَمْلَكَةِ وَإِعَادَتِهِ إِلَيْهَا

فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي رَمَضَانَ، شَغَبَ الْجُنْدُ عَلَى جَلَالِ الدَّوْلَةِ وَقَبَضُوا عَلَيْهِ ثُمَّ أَخْرَجُوهُ مِنْ دَارِهِ، ثُمَّ سَأَلُوهُ لِيَعُودَ إِلَيْهَا فَعَادَ.

وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ اسْتَقْدَمَ الْوَزِيرَ أَبَا الْقَاسِمِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمُوا، فَلَمَّا قَدِمَ ظَنُّوا

<<  <  ج: ص:  >  >>