فَخَافَهُمْ، فَوَلَّى مُنْهَزِمًا، وَتَبِعَهُ أَصْحَابُهُ فِي الْهَزِيمَةِ، وَقَتَلَ عَسْكَرُ مُهَلْهِلٍ مَنْ كَانَ فِي عَسْكَرِ أَبِي الْفَتْحِ مِنَ الرَّجَّالَةِ، وَسَارُوا فِي أَثَرِ الْمُنْهَزِمِينَ يَقْتُلُونَ وَيَأْسِرُونَ، وَوَقَفَ فَرَسُ أَبِي الْفَتْحِ بِهِ فَأُسِرَ وَأُحْضِرَ عِنْدَ عَمِّهِ مُهَلْهِلٍ، فَضَرَبَهُ عِدَّةَ مَقَارِعَ، وَقَيَّدَهُ، وَحَبَسَهُ عِنْدَهُ وَعَادَ.
ثُمَّ إِنَّ أَبَا الشَّوْكِ جَمَعَ عَسَاكِرَهُ وَسَارَ إِلَى شَهْرَزُورَ وَحَصَرَهَا، وَقَصَدَ بِلَادَ أَخِيهِ لِيُخَلِّصَ ابْنَهُ أَبَا الْفَتْحَ، فَطَالَ الْأَمْرُ وَلَمْ يُخَلِّصِ ابْنَهُ، وَحَمَلَ مُهَلْهِلٌ اللَّجَاجَ عَلَى أَنِ اسْتَدْعَى عَلَاءَ الدَّوْلَةِ بْنَ كَاكَوَيْهِ إِلَى بَلَدِ أَبِي الْفَتْحِ، فَدَخَلَ الدِّينَوَرَ وَقَرْمِيسِينَ، وَأَسَاءَ إِلَى أَهْلِهَا وَظَلَمَهُمْ وَمَلَكَهَا، وَكَانَ ذَلِكَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعِمِائِةٍ.
ذِكْرُ شَغَبِ الْأَتْرَاكِ عَلَى جَلَالِ الدَّوْلَةِ بِبَغْدَاذَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ شَغَبَ الْأَتْرَاكُ عَلَى الْمَلِكِ جَلَالِ الدَّوْلَةِ بِبَغْدَاذَ، وَأَخْرَجُوا خِيَامَهُمْ إِلَى ظَاهِرِ الْبَلَدِ، ثُمَّ أَوْقَعُوا النَّهْبَ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ، فَخَافَهُمْ جَلَالُ الدَّوْلَةِ، فَعَبَّرَ خِيَامَهُ إِلَى الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ، وَتَرَدَّدَتِ الرُّسُلُ بَيْنَهُمْ فِي الصُّلْحِ، وَأَرَادَ الرَّحِيلَ عَنْ بَغْدَاذَ، فَمَنَعَهُ أَصْحَابُهُ، فَرَاسَلَ دُبَيْسَ بْنَ مَزْيَدٍ، وَقِرْوَاشًا، صَاحِبَ الْمَوْصِلِ، وَغَيْرَهُمَا، وَجَمَعَ عِنْدَهُ الْعَسَاكِرَ، فَاسْتَقَرَّتِ الْقَوَاعِدُ بَيْنَهُمْ، وَعَادَ إِلَى دَارِهِ، وَطَمِعَ الْأَتْرَاكُ، وَآذَوُا النَّاسَ، وَنَهَبُوا وَقَتَلُوا، وَفَسَدَتِ الْأُمُورُ بِالْكُلِّيَّةِ (إِلَى حَدٍّ لَا يُرْجَى صَلَاحُهُ) .
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ، وُلِدَ لِلْخَلِيفَةِ الْقَائِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ وَلَدُهُ أَبُو الْعَبَّاسِ، وَهُوَ ذَخِيرُ الدِّين ِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute