للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طُغْرُلْبَك وَأَخِيهِ دَاوُدَ أَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ عِنْدَ بُغْرَاخَانْ، إِنَّمَا يَحْضُرُ عِنْدَهُ أَحَدُهُمَا، وَيُقِيمُ الْآخَرُ فِي أَهْلِهِ خَوْفًا مِنْ مَكْرٍ يَمْكُرُهُ بِهِمْ، فَبَقَوْا كَذَلِكَ.

ثُمَّ إِنَّ بُغْرَاخَانِ اجْتَهَدَ فِي اجْتِمَاعِهِمَا عِنْدَهُ، فَلَمْ يَفْعَلَا، فَقَبَضَ عَلَى طُغْرُلْبَك وَأَسَرَهُ، فَثَارَ دَاوُدُ فِي عَشَائِرِهِ وَمَنْ يَتْبَعُهُ، وَقَصَدَ بُغْرَاخَانْ لِيُخَلِّصَ أَخَاهُ، فَأَنْفَذَ إِلَيْهِ بُغْرَاخَانْ عَسْكَرًا، فَاقْتَتَلُوا، فَانْهَزَمَ عَسْكَرُ بُغْرَاخَانْ وَكَثُرَ الْقَتْلُ فِيهِمْ، وَخَلَّصَ أَخَاهُ مِنَ الْأَسْرِ، وَانْصَرَفُوا إِلَى جَنَدَ، وَهِيَ قَرِيبُ بُخَارَى، فَأَقَامُوا هُنَاكَ.

فَلَمَّا انْقَرَضَتْ دَوْلَةُ السَّامَانِيَّةِ، وَمَلَكَ أَيْلَكُ الْخَانُ بُخَارَى عَظُمَ مَحِلُّ أَرْسِلَانَ بْنِ سَلْجُوقَ عَمِّ دَاوُدَ وَطُغْرُلْبَك بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ، وَكَانَ عَلِيُّ تِكِينُ فِي حَبْسِ أَرْسِلَانَ خَانْ، فَهَرَبَ، (وَهُوَ أَخُو أَيْلَكَ الْخَانْ) وَلَحِقَ بِبُخَارَى وَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا، وَاتَّفَقَ مَعَ أَرْسِلَانَ بْنِ سَلْجُوقَ فَامْتَنَعَا، وَاسْتَفْحَلَ أَمْرُهُمَا، وَقَصَدَهُمَا أَيْلَكُ أَخُو أَرْسِلَانَ خَانْ وَقَاتَلَهُمَا، فَهَزَمَاهُ وَبَقِيَا بِبُخَارَى

وَكَانَ عَلِيُّ تِكِينُ يُكْثِرُ مُعَارَضَةَ يَمِينِ الدَّوْلَةِ مَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ فِيمَا يُجَاوِرُهُ فِي بِلَادِهِ، وَيَقْطَعُ الطَّرِيقَ عَلَى رُسُلِهِ الْمُتَرَدِّدِينَ إِلَى مُلُوكِ التُّرْكِ، فَلَمَّا عَبَرَ مَحْمُودُ جَيْحُونَ، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، هَرَبَ عَلِيُّ تِكِينُ مِنْ بُخَارَى، وَأَمَّا أَرْسِلَانُ بْنُ سَلْجُوقَ وَجَمَاعَتُهُ فَإِنَّهُمْ دَخَلُوا الْمَفَازَةَ وَالرَّمْلَ، فَاحْتَمَوْا مِنْ مَحْمُودٍ، فَرَأَى مَحْمُودٌ قُوَّةَ السَّلْجُوقِيَّةِ وَمَا لَهُمْ مِنَ الشَّوْكَةِ وَكَثْرَةِ الْعَدَدِ، فَكَاتَبَ أَرْسِلَانَ بْنَ سَلْجُوقَ وَاسْتَمَالَهُ وَرَغَّبَهُ، فَوَرَدَ إِلَيْهِ، فَقَبَضَ يَمِينُ الدَّوْلَةِ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ وَلَمْ يُمْهِلْهُ، وَسَجَنَهُ فِي قَلْعَةٍ وَنَهَبَ خَرْكَاهَاتِهِ، وَاسْتَشَارَ فِيمَا يَفْعَلُ بِأَهْلِهِ وَعَشِيرَتِهِ، فَأَشَارَ أَرْسِلَانُ الْجَاذِبُ، وَهُوَ مِنْ أَكْبَرِ خَوَاصِّ مَحْمُودٍ، بِأَنْ يُقْطَعَ أَبَاهِمُهُمْ لِئَلَّا يَرْمُوا بِالنُّشَّابِ، أَوْ يُغَرَّقُوا فِي جَيْحُونَ، فَقَالَ لَهُ: مَا أَنْتَ إِلَّا قَاسِي الْقَلِ! ثُمَّ أَمَرَ بِهِمْ فَعَبَرُوا نَهْرَ جَيْحُونَ، فَفَرَّقَهُمْ فِي نَوَاحِي خُرَاسَانَ، وَوَضَعَ عَلَيْهِمُ الْخَرَاجَ، فَجَارَ الْعُمَّالُ عَلَيْهِمْ، وَامْتَدَّتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>