الْأَيْدِي إِلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ، انْفَصَلَ مِنْهُمْ أَكْثَرُ مِنْ أَلْفَيْ رَجُلٍ، وَسَارُوا إِلَى كِرْمَانَ، وَمِنْهَا إِلَى أَصْبَهَانَ، وَجَرَى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ صَاحِبِهَا عَلَاءِ الدَّوْلَةِ بْنِ كَاكَوَيْهِ حَرْبٌ، قَدْ ذَكَرْنَاهَا، فَسَارُوا مِنْ أَصْبَهَانَ إِلَى أَذْرَبِيجَانَ، وَهَؤُلَاءِ جَمَاعَةُ أَرْسِلَانَ. فَأَمَّا أَوْلَادُ إِخْوَتِهِ فَإِنَّ عَلِيَّ تِكِينَ صَاحِبَ بُخَارَى أَعْمَلَ الْحِيَلَ فِي الظَّفَرِ بِهِمْ، فَأَرْسَلَ إِلَى يُوسُفَ بْنِ مُوسَى بْنِ سَلْجُوقَ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ طُغْرُلْبَك مُحَمَّدٍ وَجَغْرِي بِكْ دَاوُدَ، وَوَعَدَهُ الْإِحْسَانَ، وَبَالَغَ فِي اسْتِمَالَتِهِ، وَطَلَبَ مِنْهُ الْحُضُورَ عِنْدَهُ، فَفَعَلَ، فَفَوَّضَ إِلَيْهِ عَلِيُّ تِكِينُ التَّقَدُّمَ عَلَى جَمِيعِ الْأَتْرَاكِ الَّذِينَ فِي وِلَايَتِهِ، وَأَقْطَعَهُ أَقْطَاعًا كَثِيرَةً، وَلُقِّبَ بِالْأَمِيرِ إِينَانْجَ بَيْغُو.
وَكَانَ الْبَاعِثُ لَهُ عَلَى مَا فَعَلَهُ بِهِ أَنْ يَسْتَعِينَ بِهِ وَبِعَشِيرَتِهِ وَأَصْحَابِهِ عَلَى طُغْرُلْبَك وَدَاوُدَ ابْنَيْ عَمِّهِ، وَيُفَرِّقَ كَلِمَتَهُمْ، وَيَضْرِبَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ، فَعَلِمُوا مُرَادَهُ، فَلَمْ يُطِعْهُ يُوسُفُ إِلَى شَيْءٍ مِمَّا أَرَادَهُ مِنْهُ، فَلَمَّا رَأَى عَلِيُّ تِكِينُ أَنَّ مَكْرَهُ لَمْ يَعْمَلْ فِي يُوسُفَ، وَلَمْ يَبْلُغْ بِهِ غَرَضًا، أَمَرَ بِقَتْلِهِ، فَقُتِلَ يُوسُفُ، تَوَلَّى قَتْلَهُ أَمِيرٌ مِنْ أُمَرَاءِ عَلِيِّ تِكِينَ اسْمُهُ أَلْبُ قُرَّا.
فَلَمَّا قُتِلَ عَظُمَ ذَلِكَ عَلَى طُغْرُلْبَك وَأَخِيهِ دَاوُدَ وَجَمِيعِ عَشَائِرِهِمَا، وَلَبِسُوا ثِيَابَ الْحِدَادِ، وَجَمَعَا مِنَ الْأَتْرَاكِ مَنْ قَدَرَا عَلَى جَمْعِهِ لِلْأَخْذِ بِثَأْرِهِ، وَجَمَعَ عَلِيُّ تِكِينُ أَيْضًا جُيُوشَهُ، وَسَيَّرَهَا إِلَيْهِمْ، فَانْهَزَمَ عَسْكَرُ عَلِيِّ تِكِينَ، وَكَانَ قَدْ وُلِدَ السُّلْطَانُ أَلْبُ أَرْسِلَانَ بْنُ دَاوُدَ أَوَّلَ مُحَرَّمٍ سَنَةَ عِشْرِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ قَبْلَ الْحَرْبِ، فَتَبَرَّكُوا بِهِ، وَتَيَمَّنُوا بِطَلْعَتِهِ، وَقِيلَ فِي مَوْلِدِهِ غَيْرُ ذَلِكَ.
فَلَمَّا كَانَ سَنَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ [وَأَرْبَعِمِائَةٍ] قَصَدَ طُغْرُلْبَك وَدَاوُدُ أَلْبَ قُرَّا الَّذِي قَتَلَ يُوسُفَ ابْنَ عَمِّهِمَا، فَقَتَلَاهُ وَأَوْقَعَا بِطَائِفَةٍ مِنْ عَسْكَرِ عَلِيِّ تِكِينَ، فَقَتَلَا مِنْهَا نَحْوَ أَلْفِ رَجُلٍ، فَجَمَعَ عَلِيُّ تِكِينُ عَسْكَرَهُ وَقَصَدَهُمْ هُوَ وَأَوْلَادُهُ وَمَنْ حَمَلَ السِّلَاحَ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَتَبِعَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبِلَادِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، فَقَصَدُوهُمْ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَأَوْقَعُوا بِهِمْ وَقْعَةً عَظِيمَةً قُتِلَ [فِيهَا] كَثِيرٌ مِنْ عَسَاكِرِ السَّلْجُوقِيَّةِ، وَأَخُذِتْ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ، وَسَبَوْا كَثِيرًا مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ، فَأَلْجَأَتْهُمُ الضَّرُورَةُ إِلَى الْعُبُورِ إِلَى خُرَاسَانَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute