للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَنَةً وَأَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا، وَدُفِنَ بِدَارِهِ، وَمَنْ عَلِمَ سِيرَتَهُ وَضَعْفَهُ وَاسْتِيلَاءَ الْجُنْدِ وَالنُّوَّابِ عَلَيْهِ وَدَوَامَ مُلْكِهِ إِلَى هَذِهِ الْغَايَةِ - عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، يُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ يَشَاءُ، وَيَنْزِعُهُ مِمَّنْ يَشَاءُ.

وَكَانَ يَزُورُ الصَّالِحِينَ وَيَقْرَبُ مِنْهُمْ، وَزَارَ مَرَّةً مَشْهَدَيْ عَلِيٍّ وَالْحُسَيْنِ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - وَكَانَ يَمْشِي حَافِيًا قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى كُلِّ مَشْهَدٍ مِنْهُمَا نَحْوَ فَرْسَخٍ، يَفْعَلُ ذَلِكَ تَدَيُّنًا. وَلَمَّا تُوُفِّيَ انْتَقَلَ الْوَزِيرُ كَمَالُ الْمُلْكِ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ وَأَصْحَابُ الْمَلِكِ الْأَكَابِرُ إِلَى بَابِ الْمَرَاتِبِ، وَحَرِيمِ دَارِ الْخِلَافَةِ، خَوْفًا مِنْ نَهْبِ الْأَتْرَاكِ وَالْعَامَّةِ دُورَهُمْ، فَاجْتَمَعَ قُوَّادُ الْعَسْكَرِ تَحْتَ دَارِ الْمَمْلَكَةِ، وَمَنَعُوا النَّاسَ مِنْ نَهْبِهَا.

وَلَمَّا تُوُفِّيَ كَانَ وَلَدُهُ الْأَكْبَرُ الْمَلِكُ الْعَزِيزُ أَبُو مَنْصُورٍ بِوَاسِطٍ عَلَى عَادَتِهِ، فَكَاتَبَهُ الْأَجْنَادُ بِالطَّاعَةِ، وَشَرَطُوا عَلَيْهِ تَعْجِيلَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ حَقِّ الْبَيْعَةِ، فَتَرَدَّدَتِ الْمُرَاسَلَاتُ بَيْنَهُمْ فِي مِقْدَارِهِ (وَتَأْخِيرِهِ لِفَقْدِهِ) .

وَبَلَغَ مَوْتُهُ إِلَى الْمَلِكِ أَبِي كَالِيجَارَ بْنِ سُلْطَانِ الدَّوْلَةِ بْنِ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ، فَكَاتَبَ الْقُوَّادَ وَالْأَجْنَادَ، وَرَغَّبَهُمْ فِي الْمَالِ وَكَثْرَتِهِ وَتَعْجِيلِهِ، فَمَالُوا إِلَيْهِ، وَعَدَلُوا عَنِ الْمَلِكِ الْعَزِيزِ.

وَأَمَّا الْمَلِكُ الْعَزِيزُ فَإِنَّهُ أُصْعِدَ (إِلَى بَغْدَاذَ لَمَّا) قَرُبَ الْمَلِكُ أَبُو كَالِيجَارَ مِنْهَا، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ [وَأَرْبَعِمِائَةٍ] عَازِمًا عَلَى قَصْدِ بَغْدَاذَ وَمَعَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>