للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَسْكَرُهُ، فَلَمَّا بَلَغَ النُّعْمَانِيَّةَ غَدَرَ بِهِ عَسْكَرُهُ وَرَجَعُوا إِلَى وَاسِطٍ، وَخَطَبُوا لِأَبِي كَالِيجَارَ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ مَضَى إِلَى نُورِ الدَّوْلَةِ دُبَيْسِ بْنِ مَزْيَدٍ، لِأَنَّهُ بَلَغَهُ مَيْلُ جُنْدِ بَغْدَاذَ إِلَى أَبِي كَالِيجَارَ، وَسَارَ مِنْ عِنْدِ دُبَيْسٍ إِلَى قِرْوَاشِ بْنِ الْمُقَلِّدِ، فَاجْتَمَعَ بِهِ بِقَرْيَةِ خُصَّةَ مِنْ أَعْمَالِ بَغْدَاذَ، وَسَارَ مَعَهُ إِلَى الْمَوْصِلِ، ثُمَّ فَارَقَهُ وَقَصَدَ أَبَا الشَّوْكِ لِأَنَّهُ حَمُوهُ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى أَبِي الشَّوْكِ غَدَرَ بِهِ، وَأَلْزَمَهُ بِطَلَاقِ ابْنَتِهِ، فَفَعَلَ، وَسَارَ عَنْهُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ يَنَّالَ أَخِي طُغْرُلْبَك، وَتَنَقَّلَتْ بِهِ الْأَحْوَالُ حَتَّى قَدِمَ بَغْدَاذَ فِي نَفَرٍ يَسِيرٍ عَازِمًا عَلَى اسْتِمَالَةِ الْعَسْكَرِ وَأَخْذِ الْمُلْكِ، فَثَارَ بِهِ أَصْحَابُ الْمَلِكِ أَبِي كَالِيجَارَ، فَقُتِلَ بَعْضُ مَنْ عِنْدَهُ، وَسَارَ هُوَ مُتَخَفِّيًا، فَقَصَدَ نَصْرَ الدَّوْلَةِ بْنَ مَرْوَانَ، فَتُوُفِّيَ عِنْدَهُ بِمَيَّافَارِقِينَ، وَحُمِلَ إِلَى بَغْدَادَ، وَدُفِنَ عِنْدَ أَبِيهِ بِمَقَابِرِ قُرَيْشٍ، فِي مَشْهَدِ بَابِ التِّبْنِ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ [وَأَرْبَعِمِائَةٍ] .

وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ أَنَّهُ آخِرُ مُلُوكِ بَنِي بُوَيْهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّهُ مَلَكَ بَعْدَهُ أَبُو كَالِيجَارَ، ثُمَّ الْمَلِكُ الرَّحِيمُ بْنُ أَبِي كَالِيجَارَ، وَهُوَ آخِرُهُمْ عَلَى مَا تَرَاهُ. وَأَمَّا الْمَلِكُ أَبُو كَالِيجَارَ فَلَمْ تَزَلِ الرُّسُلُ تَتَرَدَّدُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَسْكَرِ بَغْدَاذَ حَتَّى اسْتَقَرَّ الْأَمْرُ لَهُ، وَحَلَفُوا، وَخَطَبُوا لَهُ بِبَغْدَاذَ فِي صَفَرٍ مِنْ سَنَةِ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

ذِكْرُ حَالِ أَبِي الْفَتْحِ مَوْدُودِ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَيَّرَ الْمَلِكُ أَبُو الْفَتْحِ مَوْدُودُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ عَسْكَرًا مَعَ حَاجِبٍ لَهُ إِلَى نَوَاحِي خُرَاسَانَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ دَاوُدُ أَخُو طُغْرُلْبَك، وَهُوَ صَاحِبُ خُرَاسَانَ - وَلَدَهُ أَلْبَ أَرْسِلَانَ فِي عَسْكَرٍ، فَالْتَقَوْا وَاقْتَتَلُوا، فَكَانَ الظَّفَرُ لِلْمَلِكِ أَلْبِ أَرْسِلَانَ، وَعَادَ عَسْكَرُ غَزْنَةَ مُنْهَزِمًا.

وَفِيهَا أَيْضًا فِي صَفَرٍ سَارَ جَمْعٌ مِنَ الْغُزِّ إِلَى نَوَاحِي بُسْتَ، وَفَعَلُوا مَا عُرِفَ مِنْهُمْ مِنَ النَّهْبِ وَالشَّرِّ، فَسَيَّرَ إِلَيْهِمْ أَبُو الْفَتْحِ مَوْدُودٌ عَسْكَرًا، فَالْتَقَوْا بِوِلَايَةِ بُسْتَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>