ذِكْرُ الْخُلْفِ بَيْنَ الْمَلِكِ أَبِي كَالِيجَارَ وَفِرَامَرْزَ بْنِ عَلَاءِ الدَّوْلَةِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ نَكَثَ الْأَمِيرُ أَبُو مَنْصُورٍ فِرَامَرْزُ بْنُ عَلَاءِ الدَّوْلَةِ بْنِ كَاكَوَيْهِ صَاحِبُ أَصْبَهَانَ - الْعَهْدَ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَلِكِ أَبِي كَالِيجَارَ، وَسَيَّرَ عَسْكَرًا إِلَى نَوَاحِي كِرْمَانَ، فَمَلَكُوا مِنْهَا حِصْنَيْنِ، وَغَنِمُوا مَا فِيهِمَا.
فَأَرْسَلَ الْمَلِكُ أَبُو كَالِيجَارَ إِلَيْهِ فِي إِعَادَتِهِمَا وَإِزَالَةِ الِاعْتِرَاضِ عَنْهُمَا، فَلَمْ يَفْعَلْ، فَجَهَّزَ عَسْكَرًا وَسَيَّرَهُ إِلَى أَبَرْقُوهَ فَحَصَرَهَا وَمَلَكَهَا، فَانْزَعَجَ فِرَامَرْزُ لِذَلِكَ، وَجَهَّزَ عَسْكَرًا كَثِيرًا وَسَيَّرَهُ إِلَيْهِمْ، فَسَمِعَ الْمَلِكُ أَبُو كَالِيجَارَ بِذَلِكَ، فَسَيَّرَ عَسْكَرًا ثَانِيًا مَدَدًا لِعَسْكَرِهِ الْأَوَّلِ، وَالْتَقَى الْعَسْكَرَانِ فَاقْتَتَلُوا وَصَبَرُوا، ثُمَّ انْهَزَمَ عَسْكَرُ أَصْبَهَانَ، وَأُسِرَ مُقَدَّمُهُمُ الْأَمِيرُ إِسْحَاقُ بْنُ يَنَّالَ، وَاسْتَرَدَّ نُوَّابُ أَبِي كَالِيجَارَ مَا كَانُوا أَخَذُوهُ مِنْ كِرْمَانَ.
ذِكْرُ أَخْبَارِ التُّرْكِ بِمَا وَرَاءِ النَّهْرِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي صَفَرٍ أَسْلَمَ مِنْ كُفَّارِ التُّرْكِ الَّذِينَ كَانُوا يَطْرُقُونَ بِلَادَ الْإِسْلَامِ بِنُوَاحِي بَلَاسَاغُونَ وَكَاشْغَرَ، وَيُغِيرُونَ وَيَعِيثُونَ - عَشْرَةُ آلَافِ خَرْكَاةٍ، وَضَحَّوْا يَوْمَ عِيدِ الْأَضْحَى بِعِشْرِينَ أَلْفَ رَأْسِ غَنَمٍ، وَكَفَى اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ شَرَّهُمْ.
وَكَانُوا يُصَيِّفُونَ بِنُوَاحِي بُلْغَارَ، وَيُشَتُّونَ بِنُوَاحِي بَلَاسَاغُونَ، فَلَمَّا أَسْلَمُوا تَفَرَّقُوا فِي الْبِلَادِ، فَكَانَ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ أَلْفُ خَرْكَاةٍ وَأَقَلُّ وَأَكْثَرُ، لِأَمْنِهِمْ، فَإِنَّهُمْ إِنَّمَا كَانُوا يَجْتَمِعُونَ لِيَحْمِيَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَبَقِيَ مِنَ الْأَتْرَاكِ مَنْ لَمْ يُسْلِمْ تَتَرٌ وَخَطَا، وَهُمْ بِنُوَاحِي الصِّينِ.
وَكَانَ صَاحِبُ بَلَاسَاغُونَ وَبِلَادِ التُّرْكِ شَرَفَ الدَّوْلَةِ، وَفِيهِ دِينٌ، وَقَدْ أَقْنَعَ مِنْ إِخْوَتِهِ وَأَقَارِبِهِ بِالطَّاعَةِ، وَقَسَمَ الْبِلَادَ بَيْنَهُمْ، فَأَعْطَى (أَخَاهُ أُصْلَانَ تِكِينَ كَثِيرًا مِنْ بِلَادِ التُّرْكِ، وَأَعْطَى أَخَاهُ بُغْرَاخَانْ طِرَازَ وَأَسْبِيجَابَ، وَأَعْطَى عَمَّهُ طُغَاخَانْ فَرْغَانَةَ بِأَسْرِهَا) ، وَأَعْطَى ابْنَ عَلِيِّ تِكِينَ بُخَارَى وَسَمَرْقَنْدَ وَغَيْرَهُمَا، وَقَنِعَ هُوَ بِبَلَاسَاغُونَ وَكَاشْغَرَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute