ذِكْرُ أَخْبَارِ الرُّومِ وَالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي صَفَرٍ أَيْضًا وَرَدَ إِلَى الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ عَدَدٌ كَثِيرٌ مِنَ الرُّوسِ فِي الْبَحْرِ، وَرَاسَلُوا قُسْطَنْطِينَ مَلِكَ الرُّومِ بِمَا لَمْ تَجْرِ بِهِ عَادَتُهُمْ، فَاجْتَمَعَتِ الرُّومُ عَلَى حَرْبِهِمْ، وَكَانَ بَعْضُهُمْ قَدْ فَارَقَ الْمَرَاكِبَ إِلَى الْبَرِّ، وَبَعْضُهُمْ فِيهَا، فَأَلْقَى الرُّومُ فِي مَرَاكِبِهِمُ النَّارَ، فَلَمْ يَهْتَدُوا إِلَى إِطْفَائِهَا، فَهَلَكَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ بِالْحَرْقِ وَالْغَرَقِ، وَأَمَّا الَّذِينَ عَلَى الْبَرِّ فَقَاتَلُوا وَأَبْلَوْا، وَصَبَرُوا ثُمَّ انْهَزَمُوا، فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَلْجَأٌ، فَمَنِ اسْتَسْلَمَ أَوَّلًا اسْتُرِقَّ وَسَلِمَ، وَمَنِ امْتَنَعَ حَتَّى أُخِذَ قَهْرًا قَطَعَ الرُّومُ أَيْمَانَهُمْ، وَطِيفَ بِهِمْ فِي الْبَلَدِ، وَلَمْ يَسْلَمْ مِنْهُمْ إِلَّا الْيَسِيرُ مَعَ ابْنِ مَلَكِ الرُّوسِيَّةِ، وَكُفِيَ الرُّومُ شَرَّهُمْ.
ذِكْرُ طَاعَةِ الْمُعِزِّ بِإِفْرِيقِيَّةَ لِلْقَائِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَظْهَرَ الْمُعِزُّ بِبِلَادِ إِفْرِيقِيَّةَ الدُّعَاءَ لِلدَّوْلَةِ الْعَبَّاسِيَّةِ، وَخُطِبَ لِلْإِمَامِ الْقَائِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَوَرَدَتْ عَلَيْهِ الْخِلَعُ وَالتَّقْلِيدُ بِبِلَادِ إِفْرِيقِيَّةَ وَجَمِيعِ مَا يَفْتَحُهُ، وَفِي أَوَّلِ الْكِتَابِ الَّذِي مَعَ الرُّسُل ِ: " مِنْ عَبْدِ اللَّهِ وَوَلِيِّهِ أَبِي جَعْفَرٍ الْقَائِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى الْمَلِكِ الْأَوْحَدِ ثِقَةِ الْإِسْلَامِ، وَشَرَفِ الْإِمَامِ، وَعُمَةِ الْأَنَامِ، نَاصِرِ دِينِ اللَّهِ، قَاهِرِ أَعْدَاءِ اللَّهِ، وَمُؤَيِّدِ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبِي تَمِيمٍ الْمُعِزِّ بْنِ بَادِيسَ بْنِ الْمَنْصُورِ وَلِيِّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بِوِلَايَةِ جَمِيعِ الْمَغْرِبِ وَمَا افْتَتَحَهُ بِسَيْفِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ". وَهُوَ طَوِيل ٌ.
وَأُرْسِلَ إِلَيْهِ سَيْفٌ وَفَرَسٌ وَأَعْلَامٌ عَلَى طَرِيقِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، فَوَصَلَ ذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَدُخِلَ بِهِ إِلَى الْجَامِعِ وَالْخَطِيبُ ابْنُ الْفَاكَاةِ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ الْخُطْبَةَ الثَّانِيَةَ، فَدَخَلَتِ الْأَعْلَامُ فَقَال َ: هَذَا لِوَاءُ الْحَمْدِ يَجْمَعُكُم ْ، وَهَذَا مُعِزُّ الدِّينِ يَسْمَعُكُم ْ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُم ْ. وَقُطِعَتِ الْخُطْبَةُ لِلْعَلَوِيِّينَ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَأُحْرِقَتْ أَعْلَامُهُم ْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute