وَضَرَبُوهُمْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ حُجْرًا، فَسَارَ إِلَيْهِمْ بِجُنْدٍ مِنْ رَبِيعَةَ، وَجُنْدٍ مِنْ جُنْدِ أَخِيهِ مِنْ قَيْسٍ وَكِنَانَةَ، فَأَتَاهُمْ فَأَخَذَ سَرَوَاتِهِمْ وَخِيَارَهُمْ، وَجَعَلَ يَقْتُلُهُمْ بِالْعَصَا وَأَبَاحَ الْأَمْوَالَ، وَسَيَّرَهُمْ إِلَى تِهَامَةَ، وَحَبَسَ مِنْهُمْ جَمَاعَةً مِنْ أَشْرَافِهِمْ، مِنْهُمْ عُبَيْدُ بْنُ الْأَبْرَصِ الشَّاعِرُ، فَقَالَ شِعْرًا يَسْتَعْطِفُهُ لَهُمْ، فَرَقَّ لَهُمْ وَأَرْسَلَ مَنْ يَرُدُّهُمْ، فَلَمَّا صَارُوا عَلَى يَوْمٍ مِنْهُ تَكَهَّنَ كَاهِنُهُمْ، وَهُوَ عَوْفُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ عَامِرٍ الْأَسَدِيُّ، فَقَالَ لَهُمْ: مَنِ الْمَلِكُ الصَّلْهَبْ، الْغَلَّابُ غَيْرُ الْمُغَلَّبْ، فِي الْإِبِلِ كَأَنَّهَا الرَّبْرَبْ، هَذَا دَمُهُ يَتَثَعَّبْ، وَهُوَ غَدًا أَوَّلُ مَنْ يُسْتَلَبْ؟ قَالُوا: وَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: لَوْلَا تَجِيشُ نَفْسٌ خَاشِيَهْ، لَأَخْبَرْتُكُمْ أَنَّهُ حُجْرُ ضَاحِيَهْ، فَرَكِبُوا كُلَّ صَعْبٍ وَذَلُولٍ حَتَّى بَلَغُوا إِلَى عَسْكَرِ حُجْرٍ فَهَجَمُوا عَلَيْهِ فِي قُبَّتِهِ فَقَتَلُوهُ، طَعَنَهُ عِلْبَاءُ بْنُ الْحَارِثِ الْكَاهِلِيُّ فَقَتَلَهُ، وَكَانَ حُجْرٌ قَتَلَ أَبَاهُ، فَلَمَّا قُتِلَ قَالَتْ بَنُو أَسَدٍ: يَا مَعْشَرَ كِنَانَةَ وَقَيْسٍ أَنْتُمْ إِخْوَانُنَا وَبَنُو عَمِّنَا، وَالرَّجُلُ بَعِيدُ النَّسَبِ مِنَّا وَمِنْكُمْ، وَقَدْ رَأَيْتُمْ سِيرَتَهُ وَمَا كَانَ يَصْنَعُ بِكُمْ هُوَ وَقَوْمُهُ فَانْتَهِبُوهُمْ. فَشَدُّوا عَلَى هَجَائِنِهِ فَانْتَهَبُوهَا، وَلَفُّوهُ فِي رَيْطَةٍ بَيْضَاءَ وَأَلْقُوهُ عَلَى الطَّرِيقِ، فَلَمَّا رَأَتْهُ قَيْسٌ وَكِنَانَةُ انْتَهَبُوا أَسْلَابَهُ وَأَجَارَ عَمْرُو بْنُ مَسْعُودٍ عِيَالَهُ.
وَقِيلَ: إِنَّ حُجْرًا لَمَّا رَأَى اجْتِمَاعَ بَنِي أَسَدٍ عَلَيْهِ خَافَهُمْ فَاسْتَجَارَ عُوَيْمِرُ بْنُ شُجْنَةَ أَحَدَ بَنِي عُطَارِدَ بْنِ كَعْبِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ تَمِيمٍ لِبِنْتِهِ هِنْدٍ بِنْتِ حُجْرٍ وَعِيَالِهِ، وَقَالَ لِبَنِي أَسَدٍ: إِنْ كَانَ هَذَا شَأْنَكُمْ فَإِنِّي مُرْتَحِلٌ عَنْكُمْ وَمُخَلِّيكُمْ وَشَأْنَكُمْ. فَوَادَعُوهُ عَلَى ذَلِكَ وَسَارَ عَنْهُمْ وَأَقَامَ فِي قَوْمِهِ مُدَّةً، ثُمَّ جَمَعَ لَهُمْ جَمْعًا عَظِيمًا وَأَقْبَلَ إِلَيْهِمْ مُدِلًّا بِمَنْ مَعَهُ، فَتَآمَرَ بَنُو أَسَدٍ وَقَالُوا: وَاللَّهِ لَئِنْ قَهَرَكُمْ لِيَحْكُمَنَّ عَلَيْكُمْ حُكْمَ الصَّبِيِّ، فَمَا خَيْرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute