للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَسْكَرِهِ، فَلَقُوهُمْ، وَكَمَنَ لَهُمْ، فَلَمَّا الْتَقَوُا اسْتَجَرَّهُمُ الْعَرَبُ إِلَى أَنْ جَاوَزُوا الْكَمِينَ، وَخَرَجَ عَلَيْهِمُ الْكَمِينُ) فَأَوْقَعُوا بِهِمْ، وَقَتَلُوا مِنْهُمْ جَمَاعَةً كَثِيرَةً، وَأَسَرُوا كَثِيرًا، وَجُرِحَ مِثْلُهُمْ، وَتَمَّتِ الْهَزِيمَةُ عَلَى الْوَاسِطِيِّينَ، وَغَنِمَ نُورُ الدَّوْلَةِ أَمْوَالَهُمْ وَدَوَابَّهُمْ، وَسَارُوا إِلَى وَاسِطٍ فَنَزَلُوا بِالْقُرْبِ مِنْهَا.

وَأَرْسَلَ الْوَاسِطِيُّونَ إِلَى بَغْدَاذَ يَسْتَنْجِدُونَ جُنْدَهَا، وَيَبْذُلُونَ لِلْبَسَاسِيرِيِّ أَنْ يَدْفَعَ عَنْهُمْ نُورَ الدَّوْلَةِ، وَيَأْخُذَ نَهْرَ الصِّلَةِ وَنَهْرَ الْفَضْلِ لِنَفْسِه ِ.

ذِكْرُ وَفَاةِ مَوْدُودِ بْنِ مَسْعُودٍ وَمُلْكِ عَمِّهِ عَبْدِ الرَّشِيدِ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي الْعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ تُوُفِّيَ أَبُو الْفَتْحِ مَوْدُودُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ، صَاحِبُ غَزْنَةَ، وَعُمُرُهُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً، وَمُلْكُهُ تِسْعُ سِنِينَ وَعَشَرَةُ أَشْهُرٍ، وَكَانَ مَوْتُهُ بِغَزْنَةَ، وَكَانَ قَدْ كَاتَبَ أَصْحَابَ الْأَطْرَافِ فِي سَائِرِ الْبِلَادِ، وَدَعَاهُمْ إِلَى نُصْرَتِهِ وَإِمْدَادِهِ بِالْعَسَاكِرِ، وَبَذَلَ لَهُمُ الْأَمْوَالَ الْكَثِيرَةَ، وَتَفْوِيضُ أَعْمَالِ خُرَاسَانَ وَنَوَاحِيهَا إِلَيْهِمْ عَلَى قَدْرِ مَرَاتِبِهِمْ، فَأَجَابُوا إِلَى ذَلِكَ، مِنْهُمْ أَبُو كَالِيجَارَ صَاحِبُ أَصْبَهَانَ، فَإِنَّهُ جَمَعَ عَسَاكِرَهُ وَسَارَ فِي الْمَفَازَةِ، فَهَلَكَ كَثِيرٌ مِنْ عَسْكَرِهِ، وَمَرِضَ وَعَاد َ.

وَمِنْهُمْ خَاقَانُ مَلِكُ التُّرْكِ، فَإِنَّهُ سَارَ إِلَى تِرْمِذَ، وَنَهَبَ وَخَرَّبَ، وَصَادَرَ أَهْلَ تِلْكَ الْأَعْمَالِ، وَسَارَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى مِمَّا وَرَاءَ النَّهْرِ إِلَى خُوَارَزْم َ.

وَسَارَ مَوْدُودٌ مِنْ غَزْنَةَ فَلَمْ يَسْرِ غَيْرَ مَرْحَلَةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى عَارَضَهُ قُولَنْجٌ اشْتَدَّ عَلَيْهِ، فَعَادَ إِلَى غَزْنَةَ مَرِيضًا، وَسَيَّرَ وَزِيرَهُ أَبَا الْفَتْحِ عَبْدَ الرَّزَّاقِ بْنَ أَحْمَدَ الْمِيمَنْدِيَّ إِلَى سِجِسْتَانَ فِي جَيْشٍ كَثِيفٍ لِأَخْذِهَا مِنَ الْغُزِّ، وَاشْتَدَّتِ الْعِلَّةُ بِمَوْدُودٍ فَتُوُفِّيَ، وَقَامَ فِي الْمُلْكِ بَعْدَهُ وَلَدُهُ، فَبَقِيَ خَمْسَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ عَدَلَ النَّاسُ عَنْهُ إِلَى عَمِّهِ عَلِيِّ بْنِ مَسْعُودٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>