ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ نَفَرًا مِنْ أَعْيَانٍ يُشِيرُونَ عَلَيْهِ بِالْعَوْدِ وَاجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ، وَيُحَذِّرُونَهُ مِنَ الْفُرْقَةِ وَالِاخْتِلَافِ، فَلَمَّا بَلَّغُوهُ ذَلِكَ امْتَنَعَ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا: أَنْتَ مَمْنُوعٌ عَنْ فِعْلِكَ وَالرَّأْيُ لَكَ الْقَبُولُ وَالْعَوْدُ مَا دَامَتِ الرَّغْبَةُ إِلَيْكَ. فَعَلِمَ حِينَئِذٍ أَنَّهُ يُمْنَعُ قَهْرًا، فَأَجَابَ إِلَى الْعَوْدِ عَلَى شَرْطِ أَنْ يَسْكُنَ دَارَ الْإِمَارَةِ بِالْمَوْصِلِ، وَسَارَ مَعَهُمْ، فَلَمَّا قَارَبَ حِلَّةَ أَخِيهِ زَعِيمِ الدَّوْلَةِ لَقِيَهُ وَأَنْزَلَهُ عِنْدَهُ، فَهَرَبَ أَصْحَابُهُ وَأَهْلُهُ خَوْفًا، فَأَمَنَّهُمْ زَعِيمُ الدَّوْلَةِ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ وَخَدَمَهُ وَأَظْهَرَ لَهُ الْخِدْمَةَ، وَجَعَلَ عَلَيْهِ مَنْ يَمْنَعُهُ مِنَ التَّصَرُّفِ عَلَى اخْتِيَارِهِ.
ذِكْرُ اسْتِيلَاءِ الْغُزِّ عَلَى مَدِينَةِ فَسَا
وَفِيهَا فِي جُمَادَى الْأُولَى سَارَ الْمَلِكُ أَلْبُ أَرْسِلَانَ بْنُ دَاوُدَ أَخِي طُغْرُلْبَك مِنْ مَدِينَةِ مَرْوَ بِخُرَاسَانَ، وَقَصَدَ بِلَادَ فَارِسَ فِي الْمَفَازَةِ، فَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَحَدٌ، وَلَا أَعْلَمَ عَمَّهُ طُغْرُلْبَك، فَوَصَلَ إِلَى مَدِينَةِ فَسَا، فَانْصَرَفَ النَّائِبُ بِهَا مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، وَدَخَلَهَا أَلْبُ أَرْسِلَانَ، فَقَتَلَ مِنَ الدَّيْلَمِ بِهَا أَلْفَ رَجُلٍ وَعَدَدًا كَثِيرًا مِنَ الْعَامَّةِ، وَنَهَبُوا مَا قَدْرُهُ أَلْفُ أَلْفِ دِينَارٍ، وَأَسَرُوا ثَلَاثَةَ آلَافِ إِنْسَانٍ، وَكَانَ الْأَمْرُ عَظِيمًا.
فَلَمَّا فَرَغُوا مِنْ ذَلِكَ عَادُوا إِلَى خُرَاسَانَ، وَلَمْ يَلْبَثُوا خَوْفًا مِنْ طُغْرُلْبَك أَنْ يُرْسِلَ إِلَيْهِمْ، وَيَأْخُذَ مَا غَنِمُوهُ مِنْهُم ْ.
ذِكْرُ اسْتِيلَاءِ الْخَوَارِجِ عَلَى عُمَانَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ اسْتَوْلَى الْخَوَارِجُ الْمُقِيمُونَ بِجِبَالِ عُمَانَ عَلَى مَدِينَةِ تِلْكَ الْوِلَايَة ِ.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ صَاحِبَهَا الْأَمِيرَ أَبَا الْمُظَفَّرِ ابْنَ الْمَلِكِ أَبِي كَالِيجَارَ كَانَ مُقِيمًا بِهَا، وَمَعَهُ خَادِمٌ لَهُ قَدِ اسْتَوْلَى عَلَى (الْأُمُورِ، وَحَكَمَ عَلَى) الْبِلَادِ، وَأَسَاءَ السِّيرَةَ فِي أَهْلِهَا، فَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ، فَنَفَرُوا مِنْهُ وَأَبْغَضُوه ُ.
وَعَرَفَ إِنْسَانٌ مِنَ الْخَوَارِجِ يُقَالُ لَهُ ابْنُ رَاشِدٍ الْحَالَ، فَجَمَعَ مَنْ عِنْدِهِ مِنْهُمْ، فَقَصَدَ الْمَدِينَةَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ الْأَمِيرُ أَبُو الْمُظَفَّرِ فِي عَسَاكِرِهِ، فَالْتَقَوْا وَاقْتَتَلُوا، فَانْهَزَمَتِ الْخَوَارِجُ، وَعَادُوا إِلَى مَوْضِعِهِمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute