للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَسْكَرِ أَبِي سَعْدٍ، فَاقْتَتَلُوا عَامَّةَ النَّهَارِ ثُمَّ عَادُوا، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ الْتَقَى الْعَسْكَرَانِ جَمِيعًا وَاقْتَتَلُوا، فَانْهَزَمَ عَسْكَرُ الْأَمِيرِ أَبِي مَنْصُورٍ، وَظَفِرَ أَبُو سَعْدٍ، وَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا، وَاسْتَأْمَنَ إِلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَصَعِدَ أَبُو مَنْصُورٍ إِلَى قَلْعَةِ بَهَنْدَرَ وَاحْتَمَى بِهَا، وَأَقَامَ إِلَى أَنْ عَادَ إِلَى مُلْكِهِ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَلَمَّا فَارَقَ الْأَمِيرُ أَبُو مَنْصُورٍ الْأَهْوَازَ أُعِيدَتِ الْخُطْبَةُ لِلْمَلِكِ الرَّحِيمِ، وَأَرْسَلَ مَنْ بِهَا مِنَ الْجُنْدِ يَسْتَدْعُونَهُ إِلَيْهِم ْ.

ذِكْرُ انْهِزَامِ الْمَلِكِ الرَّحِيمِ بِالْأَهْوَازِ

لَمَّا انْصَرَفَ الْأَمِيرُ أَبُو مَنْصُورٍ، وَهَزَارَسْبُ، وَمَنْ مَعَهُمَا مِنْ مَنْزِلِهِمْ قَرِيبَ تُسْتَرَ، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، مَضَوْا إِلَى أَيْذَجَ وَأَقَامُوا فِيهَا، وَخَافُوا الْمَلِكَ الرَّحِيمَ، وَاسْتَضْعَفُوا نُفُوسَهُمْ عَنْ مُقَاوَمَتِهِ، فَاتَّفَقَ رَأْيُهُمْ عَلَى أَنْ رَاسَلُوا السُّلْطَانَ طُغْرُلْبَك، وَبَذَلُوا لَهُ الطَّاعَةَ، وَطَلَبُوا مِنْهُ الْمُسَاعَدَةَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ عَسْكَرًا كَثِيرًا، وَكَانَ قَدْ مَلَكَ أَصْبَهَانَ وَفَرَغَ بَالُهُ مِنْهَا.

وَعَرَفَ الْمَلِكُ الرَّحِيمُ ذَلِكَ وَقَدْ فَارَقَهُ كَثِيرٌ مِنْ عَسْكَرِهِ، مِنْهُم ُ: الْبَسَاسِيرِيُّ، وَنُورُ الدَّوْلَةِ دُبَيْسُ بْنُ مَزْيَدٍ، وَالْعَرَبُ وَالْأَكْرَادُ، وَبَقِيَ فِي الدَّيْلَمِ الْأَهْوَازِيَّةُ وَطَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ مِ الْأَتْرَاكِ الْبَغْدَاذِيِّينَ كَانُوا وَصَلُوا إِلَيْهِ أَخِيرًا، فَقَرَّرَ رَأْيَهُ عَلَى أَنْ عَادَ مِنْ عَسْكَرِ مُكْرَمٍ إِلَى الْأَهْوَازِ لِأَنَّهَا أَحْصَنُ، وَيَنْتَظِرُ بِالْمُقَامِ فِيهَا وُصُولَ الْعَسَاكِرِ، وَرَأَى أَنْ يُرْسِلَ أَخَاهُ الْأَمِيرَ أَبَا سَعْدٍ إِلَى فَارِسَ، حَيْثُ طَلَبَ إِلَى إِصْطَخْرَ، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، وَسَيَّرَ مَعَهُ جَمْعًا صَالِحًا مِنَ الْعَسَاكِرِ، ظَنًّا مِنْهُ أَنَّ أَخَاهُ إِذَا وَصَلَ إِلَى فَارِسَ وَمُلِكَتْ قَلْعَةُ إِصْطَخْرَ - انْزَعَجَ الْأَمِيرُ أَبُو مَنْصُورٍ وَهَزَارَسْبُ وَمَنْ مَعَهُمَا، وَاشْتَغَلُوا بِتِلْكَ النَّوَاحِي عَنْهُ، فَازْدَادَ قَلَقًا وَضَعْفًا، فَلَمْ يَلْتَفِتْ أُولَئِكَ إِلَى الْأَمِيرِ أَبِي سَعْدٍ بَلْ سَارُوا مُجِدِّينَ إِلَى الْأَهْوَازِ، فَوَصَلُوهَا أَوَاخِرَ رَبِيعٍ الْآخِر ِ.

وَوَقَعَتِ الْحَرْبُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ يَوْمَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ كَثُرَ فِيهِمَا الْقِتَالُ وَاشْتَدَّ، فَانْهَزَمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>