تَحْتَ السُّيُوفِ أَعِزَّةً، فَإِنَّهُ لَا سَبِيلَ لَنَا إِلَى الْهَرَبِ، لِكَثْرَتِهِمْ وَقِلَّتِنَا.
فَخَرَجُوا مِنْ مَكْمَنِهِمْ فَلَمَّا رَآهُمْ بَيْغُو سَأَلَ أَبَا الْفَضْلِ عَنْهُمْ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ طُغْرُلُ، فَاسْتَقَلَّ مَنْ مَعَهُ وَسَيَّرَ طَائِفَةً مِنْ أَصْحَابِهِ لِقِتَالِهِمْ، فَلَمَّا رَآهُمْ طُغْرُلُ لَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهِمْ، بَلْ أَقْحَمَ فَرَسَهُ نَهْرًا هُنَاكَ فَعَبَرَهُ، وَقَصَدَ بَيْغُو وَمَنْ مَعَهُ فَقَاتَلَهُمْ، وَهَزَمَهُمْ طُغْرُلُ وَغَنِمَ مَا مَعَهُمْ، ثُمَّ عَطَفَ عَلَى الْفَرِيقِ الْآخَرِ، فَصَنَعَ بِهِمْ مِثْلَ ذَلِكَ، وَأُمُّ بَيْغُو وَأَبُو الْفَضْلُ نَحْوَ هَرَاةَ، وَتَبِعَهُمْ طُغْرُلُ نَحْوَ فَرْسَخَيْنِ، وَعَادَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَمَلَكَهَا، وَكَتَبَ إِلَى عَبْدِ الرَّشِيدِ بِمَا كَانَ مِنْهُ، وَيَطْلُبُ الْإِمْدَادَ لِيَسِيرَ إِلَى خُرَاسَانَ، فَأَمَدَّهُ بِعُدَّةٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الْفُرْسَانِ، فَوَصَلُوا إِلَيْهِ، فَاشْتَدَّ بِهِمْ وَأَقَامَ مُدَيْدَةً.
ثُمَّ حَدَّثَ نَفْسَهُ بِالْعَوْدِ إِلَى غَزْنَةَ وَالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا، فَأَعْلَمَ أَصْحَابَهُ ذَلِكَ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِمْ، وَاسْتَوْثَقَ مِنْهُمْ، وَرَحَلَ إِلَى غَزْنَةَ طَاوِيًا لِلْمَرَاحِلِ كَاتِمًا أَمْرَهُ، فَلَمَّا صَارَ عَلَى خَمْسَةِ فَرَاسِخَ مِنْ غَزْنَةَ أَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ الرَّشِيدِ مُخَادِعًا لَهُ يُعْلِمُهُ أَنَّ الْعَسْكَرَ خَالَفُوا عَلَيْهِ وَطَلَبُوا الزِّيَادَةَ فِي الْعَطَاءِ، وَأَنَّهُمْ عَادُوا بِقُلُوبٍ مُتَغَيِّرَةٍ مُسْتَوْحِشَةٍ. فَلَمَّا وَقَفَ عَلَى ذَلِكَ مَعَ أَصْحَابَهُ وَأَهْلَ ثِقَتِهِ وَأَعْلَمَهُمُ الْخَبَرَ، فَحَذَّرُوهُ مِنْهُ وَقَالُوا لَه ُ: إِنَّ الْأَمْرَ قَدْ أُعْجِلَ عَنِ الِاسْتِعْدَادِ، وَلَيْسَ غَيْرُ الصُّعُودِ إِلَى الْقَلْعَةِ وَالتَّحَصُّنُ بِهَا. فَصَعِدَ إِلَى قَلْعَةِ غَةَ وَامْتَنَعَ بِهَا.
وَوَافَى طُغْرُلُ مِنَ الْغَدِ إِلَى الْبَلَدِ، وَنَزَلَ فِي دَارِ الْإِمَارَةِ، وَرَاسَلَ الْمُقِيمِينَ بِالْقَلْعَةِ فِي تَسْلِيمِ عَبْدِ الرَّشِيدِ، وَوَعَدَهُمْ وَرَغَّبَهُمْ إِنْ فَعَلُوا، وَتَهَدَّدَهُمْ إِنِ امْتَنَعُوا. فَسَلَّمُوهُ إِلَيِ، فَأَخَذَهُ طُغْرُلُ فَقَتَلَهُ، وَاسْتَوْلَى عَلَى الْبَلَدِ وَتَزَوَّجَ ابْنَةَ مَسْعُودٍ كَرْهًا.
وَكَانَ فِي الْأَعْمَالِ الْهِنْدِيَّةِ أَمِيرٌ يُسَمَّى خِرْخِيزَ وَمَعَهُ عَسْكَرٌ كَثِيرٌ، فَلَمَّا قَتَلَ طُغْرُلُ عَبْدَ الرَّشِيدِ وَاسْتَوْلَى عَلَى الْأَمْرِ - كَتَبَ إِلَيْهِ وَدَعَاهُ إِلَى الْمُوَافَقَةِ وَالْمُسَاعَدَةِ عَلَى ارْتِجَاعِ الْأَعْمَالِ مِنْ أَيْدِي الْغُزِّ، وَوَعَدَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَبَذَلَ الْبَذُولَ الْكَثِيرَةَ، فَلَمْ يَرْضَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute