تُوُفِّيَ هَذِهِ الْأَيَّامَ، وَانْحَدَرَ إِلَى الْعِرَاقِ لِيَسْتَعِيدَ مَا أُخِذَ مِنْهُ، فَوَصَلَ إِلَى الصَّالِحِيَّةِ، وَسَيَّرَ بَعْضَ أَصْحَابِهِ إِلَى نَاحِيَةِ الْحَظِيرَةِ وَمَا وَالَاهَا، فَنَهَبُوا مَا هُنَاكَ وَعَادُوا، فَلَقُوا كَامِلَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ صَاحِبَ الْحَظِيرَةِ، فَأَوْقَعَ بِهِمْ وَقَاتَلَهُمْ، فَأَرْسَلُوا إِلَى قُرَيْشٍ يُعَرِّفُونَهُ الْحَالَ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ فِي عُدَّةٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الْعَرَبِ وَالْأَكْرَاد ِ، فَانْهَزَمَ كَامِلٌ وَتَبِعَهُ قُرَيْشٌ فَلَمْ يَلْحَقْهُ، فَقَصَدَ حُلَلَ بِلَالِ بْنِ غَرِيبٍ وَهِيَ خَالِيَةٌ مِنَ الرِّجَالِ، فَنَهَبَها، وَقَاتَلَهُ بِلَالٌ وَأَبْلَى بَلَاءً حَسَنًا، فَجُرِحَ ثُمَّ انْهَزَمَ، وَرَاسَلَ قُرَيْشٌ نُوَّابَ الْمَلِكِ الرَّحِيمِ يَبْذُلُ الطَّاعَةَ، وَيَطْلُبُ تَقْرِيرَ مَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ، فَأَجَابُوهُ إِلَى ذَلِكَ عَلَى كُرْهٍ لِقُوَّتِهِ وَضَعْفِهِمْ، وَاشْتِغَالِ الْمَلِكِ الرَّحِيمِ بِخُوزِسْتَانَ عَنْهُمْ، فَاسْتَقَرَّ أَمْرُهُ وَقَوِيَ شَأْنُه ُ.
ذِكْرُ وَفَاةِ قِرْوَاشٍ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ مُسْتَهَلَّ رَجَبٍ تُوُفِّيَ مُعْتَمَدُ الدَّوْلَةِ أَبُو الْمَنِيعِ قِرْوَاشُ بْنُ الْمُقَلِّدِ الْعُقَيْلِيُّ، الَّذِي كَانَ صَاحِبَ الْمَوْصِلِ - مَحْبُوسًا بِقَلْعَةِ الْجَرَّاحِيَّةِ مِنْ أَعْمَالِ الْمَوْصِلِ، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ، وَحُمِلَ مَيِّتًا إِلَى الْمَوْصِلِ، وَدُفِنَ بِتَلِّ تَوْبَةَ مِنْ مَدِينَةِ نِينَوَى شَرْقِيِّ الْمَوْصِلِ.
وَكَانَ مِنْ رِجَالِ الْعَرَبِ وَذَوِي الْعَقْلِ مِنْهُمْ، وَلَهُ شِعْرٌ حَسَنٌ، فَمِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْبَاخَرْزِيُّ فِي " دُمْيَةِ الْقَصْرِ " مِنْ شِعْرِه ِ:
لِلَّهِ دَرُّ النَّائِبَاتِ فَإِنَّهَا ... صَدَأُ النُّفُوسِ وَصَيْقَلُ الْأَحْرَارِ
مَا كُنْتُ إِلَّا زُبْرَةً فَطَبَعْنَنِي ... سَيْفًا، وَأُطْلِقَ شَفْرَتِي وَغِرَارِي
وَذُكِرَ لَهُ أَيْضًا:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute