ذِكْرُ وَصُولِ الْغُزِّ إِلَى فَارِسَ وَانْهِزَامِهِمْ عَنْهَا
فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَصَلَ أَصْحَابُ السُّلْطَانِ طُغْرُلْبَك إِلَى فَارِسَ، وَبَلَغُوا إِلَى شِيرَازَ، وَنَزَلُوا بِالْبَيْضَاءِ، وَاجْتَمَعَ مَعَهُمُ الْعَادِلُ أَبُو مَنْصُورٍ الَّذِي كَانَ وَزِيرَ الْأَمِيرِ أَبِي مَنْصُورٍ الْمَلِكِ أَبِي كَالِيجَارَ، وَدَبَّرَ أَمْرَهُمْ، فَقَبَضُوا عَلَيْهِ وَأَخَذُوا مِنْهُ ثَلَاثَ قِلَاعٍ، وَهِيَ: قَلْعَةُ كَبْزَةَ، وَقَلْعَةُ جُوَيْمٍ، وَقَلْعَةُ بَهَنْدَرَ، فَأَقَامُوا بِهَا، وَسَارَ مِنَ الْغُزِّ نَحْوُ مِائَتَيْ رَجُلٍ إِلَى الْأَمِيرِ أَبِي سَدٍ أَخِي الْمَلِكِ الرَّحِيمِ، وَصَارُوا مَعَهُ، وَرَاسَلَ أَبُو سَعْدٍ الَّذِي بِالْقِلَاعِ الْمَذْكُورَةِ، فَاسْتَمَالَهُمْ، فَأَطَاعُوهُ وَسَلَّمُوا الْقِلَاعَ إِلَيْهِ، وَصَارُوا فِي خِدْمَتِه ِ.
وَاجْتَمَعَ الْعَسْكَرُ الشِّيرَازِيُّ وَعَلَيْهِمُ الظَّهِيرُ أَبُو نَصْرٍ، وَأَوْقَعُوا بِالْغُزِّ بِبَابِ شِيرَازَ، فَانْهَزَمَ الْغُزُّ، وَأُسِرَ تَاجُ الدِّينِ نَصْرُ بْنُ هِبَةَ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ، وَكَانَ مِنَ الْمُقَدَّمِينَ عِنْدَ الْغُزِّ، فَلَمَّا انْهَزَمَ الْغُزُّ سَارَ الْعَسْكَرُ الشِّيرَازِيُّ إِلَى فَسَا، وَكَانَ قَدْ تَغَلَّبَ عَلَيْهَا بَعْضُ السَّفِلِ، وَقَوِيَ أَمْرُهُ لِاشْتِغَالِ الْعَسَاكِرِ بِالْغُزِّ، فَأَزَالُوا الْمُتَغَلِّبَ عَلَيْهَا وَاسْتَعَادُوهَا.
ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ قُرَيْشٍ وَأَخِيهِ الْمُقَلِّدِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ جَرَى خُلْفٌ بَيْنَ عَلَمِ الدِّينِ قُرَيْشِ بْنِ بَدْرَانَ وَبَيْنَ أَخِيهِ الْمُقَلِّدِ، وَكَانَ قُرَيْشٌ قَدْ نَقَلَ عَمَّهُ قِرْوَاشًا إِلَى قَلْعَةِ الْجَرَّاحِيَّةِ مِنْ أَعْمَالِ الْمَوْصِلِ، وَسَجَنَهُ بِهَا، وَارْتَحَلَ يَطْلُبُ الْعِرَاقَ، فَجَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ الْمُقَلِّدِ مُنَازَعَةٌ أَدَّتْ إِلَى الِاخْتِلَاف ِ. فَسَارَ الْمُقَلِّدُ إِلَى نُورِ الدَّوْلَةِ دُبَيْسِ بْنِ مَزْيَدٍ مُلْتَجِئًا إِلَيْهِ، فَحَمَلَ أَخَاهُ الْغَيْظُ مِنْهُ عَلَى أَنْ نَهَبَ لَّتَهُ وَعَادَ إِلَى الْمَوْصِلِ، وَاخْتَلَّتْ أَحْوَالُهُ، وَاخْتَلَفَتِ الْعَرَبُ عَلَيْهِ، وَأَخْرَجَ نُوَّابُ الْمَلِكِ الرَّحِيمِ بِبَغْدَاذَ إِلَى مَا كَانَ بِيَدِ قُرَيْشٍ مِنَ الْعِرَاقِ بِالْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ مِنْ عُكْبَرَا وَالْعَلْثِ وَغَيْرِهِمَا، مَنْ قَبَضَ غَلَّتَهُ، وَسَلَّمَ الْجَانِبَ الْغَرْبِيَّ مِنْ أَوَانَا وَنَهْرِ بَيْطَرٍ إِلَى أَبِي الْهِنْدِيِّ بِلَالِ بْنِ غَرِيب ٍ.
ثُمَّ إِنَّ قُرَيْشًا اسْتَمَالَ الْعَرَبَ وَأَصْلَحَهُمْ، فَأَذْعَنُوا لَهُ بَعْدَ وَفَاةِ عَمِّهِ قِرْوَاشٍ، فَإِنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute