وَخَافَ هَزَارَسْبُ بْنُ بِنْكِيرَ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ مُبَايِنًا لِلْمَلِكِ الرَّحِيمِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، فَأَرْسَلَ يَتَضَرَّعُ وَيَتَقَرَّبُ، وَيَسْأَلُ التَّقَدُّمَ إِلَى فُولَاذٍ بِإِحْسَانِ مُجَاوَرَتِهِ، فَأُجِيبَ إِلَى ذَلِك َ. ٠ ذِكْرُ مَرَضِ السُّلْطَانِ طُغْرُلْبَك
فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَصَلَ السُّلْطَانُ طُغْرُلْبَك إِلَى أَصْبَهَانَ مَرِيضًا، وَقَوِيَ الْإِرْجَافُ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ، ثُمَّ عُوفِيَ وَوَصَلَ إِلَيْهِ الْأَمِيرُ أَبُو عَلِيٍّ ابْنُ الْمَلِكِ أَبِي كَالِيجَارَ الَّذِي كَانَ صَاحِبَ الْبَصْرَةِ، وَوَصَلَ إِلَيْهِ أَيْضًا هَزَارَسْبُ بْنُ بِنْكِيرَ بْنِ عِيَاضٍ صَاحِبُ أَيْذَجَ، فَإِنَّهُ كَانَ قَدْ خَافَ الْمَلِكَ الرَّحِيمَ لَمَّا اسْتَوْلَى عَلَى الْبَصْرَةِ وَأَرَّجَانَ. فَأَكْرَمَهُمَا طُغْرُلْبَك وَأَحْسَنَ ضِيَافَتَهُمَا، وَوَعَدَهُمَالنُّصْرَةَ وَالْمَعُونَة َ.
ذِكْرُ عَوْدِ سَعْدِي بْنِ أَبِي الشَّوْكِ إِلَى طَاعَةِ الرَّحِيمِ
قَدْ ذَكَرْنَا سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ [وَأَرْبَعِمِائَةٍ] وُصُولَ سَعْدِي إِلَى الْعِرَاقِ، وَأَسْرِهِ عَمَّهُ، فَلَمَّا أَسَرَهُ سَارَ وَلَدُهُ بَدْرُ بْنُ الْمُهَلْهِلِ إِلَى السُّلْطَانِ طُغْرُلْبَك، وَتَحَدَّثَ مَعَهُ فِي مُرَاسَلَةِ سَعْدِي لِيُطْلِقَ أَبَاهُ، فَسَلَّمَ إِلَيْهِ طُغْرُلْبَك وَلَدًا كَانَ لِسَعْدِي عِنْدَهُ رَهِينَةً، وَأَرْسَلَ مَعَهُ رَسُولًا يَقُولُ فِيه ِ: إِنْ أَرَدْتَ فِدْيَةً عَنْ أَسِيرِكَ فَهَذَا وَلَدُكَ قَدْ رَدَدْتُهُ عَلَيْكَ، وَإِنْ أَبَيْتَ إِلَّا الْمَالَفَةَ وَمُفَارَقَةَ الْجَمَاعَةِ قَابَلْنَاكَ عَلَى فِعْلِك َ.
فَلَمَّا وَصَلَ بَدْرٌ وَالرَّسُولُ إِلَى هَمَذَانَ تَخَلَّفَ بَدْرٌ، وَسَارَ الرَّسُولُ إِلَيْهِ، فَامْتَعَضَ مِنْ قَوْلِهِ، وَخَالَفَ طُغْرُلْبَك، وَسَارَ إِلَى حُلْوَانَ وَأَرَادَ أَخْذَهَا، فَلَمْ يُمْكِنْهُ، وَتَرَدَّدَ بَيْنَ رُوشَنْقِبَاذَ وَالْبَرَدَانِ، وَكَاتَبَ الْمَلِكَ الرَّحِيمَ، وَصَارَ فِي طَاعَتِهِ، فَسَارَ إِلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ وَسُخْتُ كَمَانُ، وَهُمَا مِنْ أَعْيَانِ عَسْكَرِ طُغْرُلْبَك، فِي عَسْكَرٍ مَعَ بَدْرِ بْنِ الْمُهَلْهِلِ، فَأَوْقَعُوا بِهِ، فَانْهَزَمَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وَعَادَ الْغُزُّ عَنْهُمْ إِلَى حُلْوَانَ، وَسَارَ بَدْرٌ إِلَى شَهْرَزُورَ فِي طَائِفَةٍ مِنَ الْغُزِّ، وَمَضَى سَعْدِي إِلَى قَلْعَةِ رُوشَنْقِبَاذَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute