ذِكْرُ اسْتِيلَاءِ قُرَيْشِ بْنِ بَدْرَانَ عَلَى الْأَنْبَارِ وَالْخُطْبَةِ لِطُغْرُلْبَك بِأَعْمَالِهِ
فِي شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ حَصَرَ الْأَمِيرُ أَبُو الْمَعَالِي قُرَيْشُ بْنُ بَدْرَانَ صَاحِبُ الْمَوْصِلِ مَدِينَةَ الْأَنْبَارِ وَفَتَحَهَا، وَخَطَبَ لِطُغْرُلْبَك فِيهَا وَفِي سَائِرِ أَعْمَالِهِ، وَنَهَبَ مَا كَانَ فِيهَا لِلْبَسَاسِيرِيِّ وَغَيْرِهِ، وَنَهَبَ حُلَلَ أَصْحَابِهِ بِالْخَالِصِ، وَفَتَحُوا بُثُوقَهْ، فَامْتَعَضَ الْبَسَاسِيرِيُّ مِنْ ذَلِكَ، وَجَمَعَ جُمُوعًا كَثِيرَةً وَقَصَدَ الْأَنْبَارَ وَحَرْبَى، فَاسْتَعَادَهُمَا، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
ذِكْرُ وَفَاةِ الْقَائِدِ بْنِ حَمَّادٍ وَمَا كَانَ مِنْ أَهْلِهِ بَعْدَهُ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي رَجَبٍ تُوُفِّيَ الْقَائِدُ ابْنُ حَمَّادٍ، وَأَوْصَى إِلَى وَلَدِهِ مُحَسَّنٍ، وَأَوْصَاهُ بِالْإِحْسَانِ إِلَى عُمُومَتِهِ، فَلَمَّا مَاتَ خَالَفَ مَا أَمَرَهُ بِهِ، وَأَرَادَ عَزْلَ جَمِيعِهِمْ، فَلَمَّا سَمِعَ عَمُّهُ يُوسُفُ بْنُ حَمَّادٍ بِمَا عَزَمَ عَلَيْهِ خَالَفَهُ، وَجَمَعَ جَمْعًا عَظِيمًا وَبَنَى قَلْعَةً فِي جَبَلٍ مَنِيعٍ، وَسَمَّاهَا الطَّيَّارَةَ.
ثُمَّ إِنَّ مُحَسَّنًا قَتَلَ مِنْ عُمُومَتِهِ أَرْبَعَةً، فَازْدَادَ يُوسُفُ، نُفُورًا وَكَانَ ابْنُ عَمِّهِ بُلُكِّينُ بْنُ مُحَمَّدٍ فِي بَلَدِهِ أَفْرُيُونَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ مُحَسَّنٌ يَسْتَدْعِيهِ، فَسَارَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا قَرُبَ مِنْهُ أَمَرَ مُحَسَّنٌ رِجَالًا مِنَ الْعَرَبِ أَنْ يَقْتُلُوهُ، فَلَمَّا خَرَجُوا قَالَ لَهُمْ أَمِيرُهُمْ خَلِيفَةُ بْنُ مَكَنَ: إِنَّ بُلُكِّينَ لَمْ يَزَلْ مُحْسِنًا إِلَيْنَا، فَكَيْفَ نَقْتُلُهُ؟ فَأَعْلَمُوهُ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ مُحَسَّنٌ، فَخَافَ، فَقَالَ لَهُ خَلِيفَةُ: لَا تَخَفْ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ قَتْلَ مُحَسَّنٍ فَأَنَا أَقْتُلُهُ لَكَ. فَاسْتَعَدَّ بُلُكِّينُ لِقِتَالِهِ، وَسَارَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا عَلِمَ مُحَسَّنٌ بِذَلِكَ وَكَانَ قَدْ فَارَقَ الْقَلْعَةَ عَادَ هَارِبًا إِلَيْهَا، فَأَدْرَكَهُ بُلُكِّينُ فَقَتَلَهُ، وَمَلَكَ الْقَلْعَةَ وَوَلِيَ الْأَمْرَ، وَكَانَ مُلْكُهُ الْقَلْعَةَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ.
ذِكْرُ ابْتِدَاءِ الْوَحْشَةِ بَيْنَ الْبَسَاسِيرِيِّ وَالْخَلِيفَةِ
فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ ابْتَدَأَتِ الْوَحْشَةُ بَيْنَ الْخَلِيفَةِ وَالْبَسَاسِيرِيِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute