وَلَمَّا قُتِلَ إِبْرَاهِيمُ أَرْسَلَ طُغْرُلْبَك إِلَى هَزَارَسْبَ بِالْأَهْوَازِ يُعَرِّفُهُ ذَلِكَ، وَعِنْدَهُ عَمِيدُ الْمُلْكِ الْكُنْدُرِيُّ، فَسَارَ إِلَى السُّلْطَانِ، فَجَهَّزَهُ هَزَارَسْبُ تَجْهِيزَ مِثْلِهِ.
ذِكْرُ عَوْدِ الْخَلِيفَةِ إِلَى بَغْدَاذَ
لَمَّا فَرَغَ السُّلْطَانُ مِنْ أَمْرِ أَخِيهِ إِبْرَاهِيمَ يَنَّالَ عَادَ يَطْلُبُ الْعِرَاقَ، لَيْسَ لَهُ هَمٌّ إِلَّا إِعَادَةَ الْقَائِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ إِلَى دَارِهِ، فَأَرْسَلَ إِلَى الْبَسَاسِيرِيِّ وَقُرَيْشٍ فِي إِعَادَةِ الْخَلِيفَةِ إِلَى دَارِهِ عَلَى أَنْ لَا يَدْخُلَ طُغْرُلْبَك الْعِرَاقَ، وَيَقْنَعَ بِالْخُطْبَةِ وَالسِّكَّةِ، فَلَمْ يُجِبِ الْبَسَاسِيرِيُّ إِلَى ذَلِكَ، فَرَحَلَ طُغْرُلْبَك إِلَى الْعِرَاقِ، فَوَصَلَتْ مُقَدَّمَتُهُ إِلَى قَصْرِ شِيرِينَ، فَوَصَلَ الْخَبَرُ إِلَى بَغْدَاذَ، فَانْحَدَرَ حُرَمُ الْبَسَاسِيرِيِّ وَأَوْلَادُهُ، وَرَحَلَ أَهْلُ الْكَرْخِ بِنِسَائِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ فِي دِجْلَةَ وَعَلَى الظَّهْرِ، وَنَهَبَ بَنُو شَيْبَانَ النَّاسَ، وَقَتَلُوا كَثِيرًا مِنْهُمْ، وَكَانَ دُخُولُ الْبَسَاسِيرِيِّ وَأَوْلَادِهِ بَغْدَاذَ سَادِسَ ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ خَمْسِينَ [وَأَرْبَعِمِائَةٍ] وَخَرَجُوا مِنْهَا سَادِسَ ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ.
وَثَارَ أَهْلُ بَابِ الْبَصْرَةِ إِلَى الْكَرْخِ، فَنَهَبُوهُ، وَأَحْرَقُوا دَرْبَ الزَّعْفَرَانِ، وَهُوَ مِنْ أَحْسَنِ الدُّرُوبِ وَأَعْمَرِهَا، وَوَصَلَ طُغْرُلْبَك إِلَى بَغْدَاذَ، وَكَانَ قَدْ أَرْسَلَ مِنَ الطَّرِيقِ الْإِمَامَ أَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ الْمَعْرُوفَ بِابْنِ فُورَكَ، إِلَى قُرَيْشِ بْنِ بَدْرَانَ يَشْكُرُهُ عَلَى فِعْلِهِ بِالْخَلِيفَةِ، وَحِفْظِهِ عَلَى صِيَانَتِهِ ابْنَةَ أَخِيهِ امْرَأَةَ الْخَلِيفَةِ، وَيُعَرِّفُهُ أَنَّهُ قَدْ أَرْسَلَ أَبَا بَكْرِ بْنَ فُورَكَ لِلْقِيَامِ بِخِدْمَةِ الْخَلِيفَةِ وَإِحْضَارِهِ وَإِحْضَارِ أَرْسِلَانَ خَاتُونَ ابْنَةِ أَخِيهِ امْرَأَةِ الْخَلِيفَةِ.
وَلَمَّا سَمِعَ قُرَيْشٌ بِقَصْدِ طُغْرُلْبَك الْعِرَاقَ أَرْسَلَ إِلَى مُهَارِشَ يَقُولُ لَهُ: أَوْدَعْنَا الْخَلِيفَةَ عِنْدَكَ ثِقَةً بِأَمَانَتِكَ، لِيَنْكَفَّ بَلَاءُ الْغُزِّ عَنَّا، وَالْآنَ فَقَدْ عَادُوا وَهُمْ عَازِمُونَ عَلَى قَصْدِكَ، فَارْحَلْ أَنْتَ وَأَهْلُكَ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، فَإِنَّهُمْ إِذَا عَلِمُوا أَنَّ الْخَلِيفَةَ عِنْدَنَا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute