للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا أَبُو سَهْلٍ مِنْ رُؤَسَاءِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ بِنَيْسَابُورَ، وَكَانَ يَحْضُرُ طَعَامَهُ فِي رَمَضَانَ، كُلَّ لَيْلَةٍ، أَرْبَعُ مِائَةِ مُتَفَقِّهٍ، وَيَصِلُهُمْ لَيْلَةَ الْعِيدِ بِكُسْوَةِ وَدَنَانِيرَ تَعُمُّهُمْ، فَلَمَّا سَمِعَ بِمَوْتِهِ أَرْسَلَ الْعَمِيدَ أَبَا الْفَتْحِ الْمُظَفَّرَ بْنَ الْحُسَيْنِ فَمَاتَ أَيْضًا فِي الطَّرِيقِ، فَأَلْزَمَ السُّلْطَانُ رَئِيسَ الْعِرَاقِيِّنَ بِالْمَسِيرِ، فَوَصَلُوا بَغْدَاذَ مُنْتَصَفَ رَبِيعٍ الْآخَرِ، وَخَرَجَ عَمِيدُ الدَّوْلَةِ ابْنُ الْوَزِيرِ فَخْرِ الدَّوْلَةِ بْنِ جَهِيرٍ لِتَلَقِّيهِمْ، وَاقْتَرَحَ السُّلْطَانُ أَنْ يُخَاطِبَ بِالْوَلَدِ الْمُؤَيِّدِ، فَأُجِيبَ إِلَى ذَلِكَ، وَلُقِّبَ ضِيَاءُ الدَّوْلَةِ عَضُدَ الدَّوْلَةِ.

وَجَلَسَ الْخَلِيفَةُ جُلُوسًا عَامًّا سَابِعَ جُمَادَى الْأُولَى، وَشَافَّهُ الرُّسُلُ بِتَقْلِيدِ أَلْبَ أَرَسْلَانَ لِلسَّلْطَنَةِ، وَسُلِّمَتِ الْخِلَعُ بِمَشْهَدٍ مِنَ الْخَلْقِ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مِنَ الدِّيوَانِ لِأَخْذِ الْبَيْعَةِ النَّقِيبَ طِرَادًا الزَّيْنَبِيَّ، فَوَصَلُوا إِلَيْهِ وَهُوَ بِنَقْجُوَانَ مِنْ أَذْرَبِيجَانَ، فَلَبِسَ الْخِلَعَ، وَبَايَعَ الْخَلِيفَةَ.

ذِكْرُ الْحَرْبِ بَيْنَ أَلْبَ أَرَسْلَانَ وَقُتُلْمِشْ.

سَمِعَ أَلْب أَرْسَلَانَ أَنَّ شِهَابَ الدَّوْلَةِ قُتُلْمِشْ، وَهُوَ مِنَ السَّلْجُوقِيَّةِ أَيْضًا، وَهُوَ جَدُّ الْمُلُوكِ أَصْحَابِ قُونِيَّةَ، وَقَيْصَرِيَّةَ، وَأَقْصَرَا، وَمَلَطْيَةَ، يَوْمَنَا هَذَا، قَدْ عَصَى عَلَيْهِ، وَجَمَعَ جُمُوعًا كَثِيرَةً، وَقَصَدَ الرَّيَّ لِيَسْتَوْلِيَ عَلَيْهَا، فَجَهَّزَ أَلْب أَرْسَلَانَ جَيْشًا عَظِيمًا وَسَيَّرَهُمْ عَلَى الْمَفَازَةِ إِلَى الرَّيِّ، فَسَبَقُوا قُتُلْمِشْ إِلَيْهَا.

وَسَارَ أَلْب أَرْسَلَانَ مِنْ نَيْسَابُورَ أَوَّلَ الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى دَامَغَانَ أَرْسَلَ إِلَى قُتُلْمِشْ يُنْكِرُ عَلَيْهِ فِعْلَهُ، وَيَنْهَاهُ عَنِ ارْتِكَابِ هَذِهِ الْحَالِ، وَيَأْمُرُهُ بِتَرْكِهَا، فَإِنَّهُ يَرَى لَهُ الْقَرَابَةَ وَالرَّحِمَ، فَأَجَابَ قُتُلْمِشْ جَوَابَ مُغْتَرٍّ بِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْجُمُوعِ، وَنَهَبَ قُرَى الرَّيِّ، وَأَجْرَى الْمَاءَ عَلَى وَادِي الْمِلْحِ، وَهِيَ سَبْخَةٌ، فَتَعَذَّرَ سُلُوكُهَا، فَقَالَ نِظَامُ الْمُلْكِ: قَدْ جَعَلْتَ لَكَ مِنْ خُرَاسَانَ جُنْدًا يَنْصُرُونَكَ وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>