فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُ، فَأَتَى بَعْضُ أُولَئِكَ الْحَرَسِ إِلَى تَمِيمٍ، وَأَخْبَرَهُ أَنَّ الرَّسُولَ صَنَعَ طَعَامًا، وَأَحْضَرَ عِنْدَهُ الشَّرِيفَ الْفِهْرِيَّ، وَكَانَ هَذَا الشَّرِيفُ مِنْ رِجَالِ تَمِيمٍ وَخَوَاصِّهِ، فَأَحْضَرَهُ تَمِيمٌ، فَقَالَ: كُنْتُ وَاصِلًا إِلَيْكَ، وَحَدَّثَهُ أَنَّ ابْنَ الْبَعْبَعِ الرَّسُولَ دَعَانِي، فَلَمَّا حَضَرْتُ عِنْدَهُ قَالَ: أَنَا فِي ذِمَامِكَ، أُحِبُّ أَنْ تُعَرِّفَنِي مَعَ مَنْ أَخْرُجُ مِنَ الْمَهْدِيَّةِ، فَمَنَعْتُهُ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ خَائِفٌ، فَأَوْقَفَهُ تَمِيمٌ عَلَى الْكِتَابِ الَّذِي بِخَطِّهِ، وَأَمَرَهُ بِإِحْضَارِهِ، فَأَحْضَرَهُ الشَّرِيفُ. فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى بَابِ السُّلْطَانِ لَقِيَهُ رَجُلٌ بِكِتَابِ الْعَرَبِ الَّذِينَ سَيَّرَهُمُ النَّاصِرُ، وَمَعَهُمْ كِتَابُ النَّاصِرِ إِلَيْهِ يَأْمُرُهُ بِالْحُضُورِ عِنْدَهُ، فَأَخَذَ الْكِتَابَ وَخَرَجَ الْأَمِيرُ تَمِيمٌ، فَلَمَّا رَآهُ ابْنُ الْبَعْبَعِ سَقَطَتِ الْكُتُبُ مِنْهُ، فَإِذَا عُنْوَانُ أَحَدِهَا: مِنَ النَّاصِرِ بْنِ عَلْنَاسَ إِلَى فُلَانٍ، فَقَالَ لَهُ تَمِيمٌ: مِنْ أَيْنَ هَذِهِ الْكُتُبُ؟ فَأَخَذَهَا وَقَرَأَهَا، فَقَالَ الرَّسُولُ ابْنُ الْبَعْبَعِ: الْعَفْوُ يَا مَوْلَانَا! فَقَالَ: لَا عَفَا اللَّهُ عَنْكَ! وَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ وَغُرِّقَتْ جُثَّتُهُ.
ذِكْرُ مُلْكِ أَلْب أَرْسَلَانَ جُنْدَ وَصَبْرَانَ.
فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَبَرَ أَلْب أَرْسَلَانَ جَيْحُونَ، وَسَارَ إِلَى جُنْدٍ وَصَبْرَانَ، وَهُمَا عِنْدَ بُخَارَى، وَقَبْرُ جَدِّهِ سَلْجُوقَ بِجُنْدٍ، فَلَمَّا عَبَرَ النَّهْرَ اسْتَقْبَلَهُ مَلِكُ جُنْدٍ وَأَطَاعَهُ، وَأَهْدَى لَهُ هَدَايَا جَلِيلَةً، فَلَمْ يُغَيِّرْ أَلْبُ أَرَسْلَانَ عَلَيْهِ شَيْئًا، وَأَقَرَّهُ عَلَى مَا بِيَدِهِ، وَعَادَ عَنْهُ بَعْدَ أَنْ أَحْسَنَ إِلَيْهِ وَأَكْرَمَهُ، وَوَصَلَ إِلَى كُرْكَانْجَ خُوَارِزْمَ، وَسَارَ مِنْهَا إِلَى مَرْوَ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ.
فِي هَذِهِ السَّنَةِ ابْتُدِئَ بِعِمَارَةِ الْمَدْرَسَةِ النِّظَامِيَّةِ بِبَغْدَاذَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute