للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ لَهُ: خُذْ هَذَا الْكِتَابَ، فَإِنْ صَدَقُوا فِي الَّذِي كَتَبُوهُ فَهَذِّبْ أَخْلَاقَكَ، وَأَصْلِحْ أَحْوَالَكَ، وَإِنْ كَذَبُوا فَاغْفِرْ لَهُمْ زَلَّتَهُمْ وَاشْغَلْهُمْ بِمُهِمٍّ يَشْتَغِلُونَ بِهِ عَنِ السِّعَايَةِ بِالنَّاسِ.

وَهَذِهِ حَالَةٌ لَا يُذْكَرُ عَنْ أَحَدِ الْمُلُوكِ أَحْسَنَ مِنْهَا.

وَكَانَ كَثِيرًا مَا يُقْرَأُ عَلَيْهِ تَوَارِيخُ الْمُلُوكِ وَآدَابُهُمْ، وَأَحْكَامُ الشَّرِيعَةِ، وَلَمَّا اشْتُهِرَ بَيْنَ الْمُلُوكِ حُسْنُ سِيرَتِهِ، وَمُحَافَظَتُهُ عَلَى عُهُودِهِ أَذْعَنُوا لَهُ بِالطَّاعَةِ وَالْمُوَافَقَةِ بَعْدَ الِامْتِنَاعِ، وَحَضَرُوا عِنْدَهُ مِنْ أَقَاصِي مَا وَرَاءَ النَّهْرِ إِلَى أَقْصَى الشَّامِ.

وَكَانَ شَدِيدَ الْعِنَايَةِ بِكَفِّ الْجُنْدِ عَنْ أَمْوَالِ الرَّعِيَّةِ، بَلَغَهُ أَنَّ بَعْضَ خَوَاصِّ مَمَالِيكِهِ سَلَبَ مِنْ بَعْضِ الرِّسْتَاقِيَّةِ إِزَارًا، فَأَخَذَ الْمَمْلُوكَ وَصَلَبَهُ، فَارْتَدَعَ النَّاسُ عَنِ التَّعَرُّضِ إِلَى مَالِ غَيْرِهِمْ.

وَمَنَاقِبُهُ كَثِيرَةٌ لَا يَلِيقُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا الْقَدْرِ مِنْهَا. وَخَلَّفَ أَلْب أَرْسَلَانَ مِنَ الْأَوْلَادِ: مَلِكْشَاهْ، وَهُوَ صَارَ السُّلْطَانَ بَعْدَهُ، وَإِيَازُ، وَتُكَشُ، وَبُورِي بَرْشَ، وَتُتْشُ، وَأَرْسَلَانَ أَرَغُو، وَسَارَةُ، وَعَائِشَةُ، وَبِنْتًا أُخْرَى.

ذِكْرُ مُلْكِ السُّلْطَانِ مَلِكْشَاهْ.

لَمَّا جُرِحَ السُّلْطَانُ أَلْب أَرْسَلَانَ أَوْصَى بِالسَّلْطَنَةِ لِابْنِهِ مَلِكْشَاهْ، وَكَانَ مَعَهُ، وَأَمَرَ أَنْ يَحْلِفَ لَهُ الْعَسْكَرُ، فَحَلَفُوا جَمِيعُهُمْ، وَكَانَ الْمُتَوَلِّي لِلْأَمْرِ فِي ذَلِكَ نِظَامُ الْمُلْكِ، وَأَرْسَلَ مَلِكْشَاهْ إِلَى بَغْدَاذَ يَطْلُبُ الْخُطْبَةَ لَهُ، فَخَطَبَ لَهُ عَلَى مَنَابِرِهَا، وَأَوْصَى أَلْب

<<  <  ج: ص:  >  >>