للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَأَنَّا غُدْوَةً وَبَنِي أَبِينَا ... بِجَنْبِ عُنَيْزَةٍ رَحَيَا مُدِيرِ

وَلَوْلَا الرِّيحُ أُسْمِعَ أَهْلُ حُجْرٍ ... صَلِيلَ الْبِيضِ تُقْرَعُ بِالذُّكُورِ

فَتَفَرَّقُوا ثُمَّ بَقُوا زَمَانًا، ثُمَّ إِنَّهُمُ الْتَقَوْا بِمَاءٍ يُقَالُ لَهُ النِّهْيُ، كَانَتْ بَنُو شَيْبَانَ نَازِلَةً عَلَيْهِ، وَيُرْوَى أَنَّهَا أَوَّلُ وَقْعَةٍ كَانَتْ بَيْنَهُمْ، وَكَانَ رَئِيسَ تَغْلِبَ مُهَلْهِلٌ، وَرَئِيسَ شَيْبَانَ الْحَارِثُ بْنُ مُرَّةَ، وَكَانَتِ الدَّائِرَةُ لِبَنِي تَغْلِبَ، وَكَانَتِ الشَّوْكَةُ فِي بَنِي شَيْبَانَ، وَاسْتَحَرَّ الْقِتَالُ فِيهِمْ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُقْتَلْ ذَلِكَ الْيَوْمَ أَحَدٌ مِنْ بَنِي مُرَّةَ.

ثُمَّ الْتَقَوْا بِالذَّنَائِبِ، وَهِيَ أَعْظَمُ وَقْعَةٍ كَانَتْ لَهُمْ، فَظَفِرَتْ بَنُو تَغْلِبَ وَقَتَلَتْ بَكْرًا مَقْتَلَةً عَظِيمَةً، وَقُتِلَ فِيهَا شَرَاحِيلُ بْنُ مُرَّةَ بْنِ هَمَّامِ بْنِ ذُهْلِ بْنِ شَيْبَانَ، وَهُوَ جَدُّ الْحَوْفَزَانِ وَجَدُّ مَعْنِ بْنِ زَائِدَةَ، وَقُتِلَ الْحَارِثُ بْنُ مُرَّةَ بْنِ ذُهْلِ بْنِ شَيْبَانَ، وَقُتِلَ مِنْ بَنِي ذُهْلِ بْنِ ثَعْلَبَةَ عَمْرُو بْنُ سَدُوسِ بْنِ شَيْبَانَ بْنِ ذُهْلٍ وَغَيْرُهُمْ مِنْ رُؤَسَاءِ بَكْرٍ.

ثُمَّ الْتَقَوْا يَوْمَ وَارِدَاتٍ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا فَظَفِرَتْ تَغْلِبُ أَيْضًا، وَكَثُرَ الْقَتْلُ فِي بَكْرٍ، فَقُتِلَ هَمَّامُ بْنُ مُرَّةَ بْنِ ذُهْلِ بْنِ شَيْبَانَ أَخُو جَسَّاسٍ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ، فَمَرَّ مُهَلْهِلٌ، فَلَمَّا رَآهُ قَتِيلًا قَالَ: وَاللَّهِ مَا قُتِلَ بَعْدَ كُلَيْبٍ أَعَزُّ عَلَيَّ مِنْكَ، وَاللَّهِ لَا تَجْتَمِعُ بَكْرٌ بَعْدَكُمَا عَلَى خَيْرٍ أَبَدًا.

وَقِيلَ: إِنَّمَا قُتِلَ يَوْمَ الْقُصَيْبَاتِ، قَبْلَ يَوْمِ قِضَةَ، قَتَلَهُ نَاشِرَةُ، وَكَانَ هَمَّامٌ قَدِ الْتَقَطَهُ وَرَبَّاهُ وَسَمَّاهُ نَاشِرَةَ، وَكَانَ عِنْدَهُ. فَلَمَّا شَبَّ عَلِمَ أَنَّهُ تَغْلَبِيٌّ، فَلَمَّا كَانَ هَذَا الْيَوْمُ جَعَلَ هَمَّامٌ يُقَاتِلُ فَإِذَا عَطِشَ جَاءَ إِلَى قَرْيَةٍ لَهُ يَشْرَبُ مِنْهَا، فَتَغَفَّلَهُ نَاشِرَةُ فَقَتَلَهُ وَلَحِقَ بِقَوْمِهِ تَغْلِبَ، وَكَادَ جَسَّاسٌ يُؤْخَذُ فَسَلِمَ، فَقَالَ مُهَلْهِلٌ:

<<  <  ج: ص:  >  >>