للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَصَدُوا مَدِينَةَ جُبَيْلٍ، فَمَلَكُوهَا أَيْضًا. وَأَصْلَحُوا أَحْوَالَ هَذِهِ الْبِلَادِ، وَقَرَّرُوا قَوَاعِدَهَا، وَسَارُوا عَنْهَا إِلَى مِصْرَ عَائِدِينَ، وَاسْتَعْمَلَ أَمِيرُ الْجُيُوشِ عَلَى الْبِلَادِ الْأُمَرَاءَ وَالْعُمَّالَ.

ذِكْرُ الْفِتْنَةِ بَيْنَ أَهْلِ بَغْدَاذَ ثَانِيَةً

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي جُمَادَى الْأُولَى، كَثُرَتِ الْفِتَنُ بِبَغْدَاذَ بَيْنَ أَهْلِ الْكَرْخِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْمَحَالِّ، وَقُتِلَ بَيْنَهُمْ عَدَدٌ كَثِيرٌ، وَاسْتَوْلَى أَهْلُ الْمَحَالِّ عَلَى قِطْعَةٍ كَبِيرَةٍ مِنْ نَهْرِ الدَّجَاجِ، فَنَهَبُوهَا، وَأَحْرَقُوهَا، فَنَزَلَ شِحْنَةُ بَغْدَاذَ، وَهُوَ خِمَارْتِكِينَ النَّائِبُ عَنْ كُوهَرَائِينَ، عَلَى دِجْلَةَ فِي خَيْلِهِ وَرَجْلِهِ، لِيَكُفَّ النَّاسَ عَنِ الْفِتْنَةِ، فَلَمْ يَنْتَهُوا، وَكَانَ أَهْلُ الْكَرْخِ يُجْرُونَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَصْحَابِهِ الْجِرَايَاتِ وَالْإِقَامَاتِ.

وَفِي بَعْضِ الْأَيَّامِ وَصَلَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ إِلَى سُوَيْقَةِ غَالِبٍ فَخَرَجَ مِنْ أَهْلِ الْكَرْخِ مَنْ لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُ بِالْقِتَالِ، فَقَاتَلُوهُمْ حَتَّى كَشَفُوهُمْ. فَرَكِبَ خَدَمُ الْخَلِيفَةِ وَالْحُجَّابُ وَالنُّقَبَاءُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَعْيَانِ الْحَنَابِلَةِ، كَابْنِ عَقِيلٍ، وَالْكَلْوَذَانِيِّ، وَغَيْرِهِمَا، إِلَى الشِّحْنَةِ، وَسَارُوا مَعَهُ إِلَى أَهْلِ الْكَرْخِ، فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ مِثَالًا مِنَ الْخَلِيفَةِ يَأْمُرُهُمْ بِالْكَفِّ، وَمُعَاوَدَةِ السُّكُونِ، وَحُضُورِ الْجَمَاعَةِ وَالْجُمْعَةِ، وَالتَّدَيُّنِ بِمَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ، فَأَجَابُوا إِلَى الطَّاعَةِ.

فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ أَتَاهُمُ الصَّارِخُ مِنْ نَهْرِ الدَّجَاجِ بِأَنَّ السُّنَّةَ قَدْ قَصَدُوهُمْ، وَالْقِتَالُ عِنْدَهُمْ، فَمَضَوْا مَعَ الشِّحْنَةِ، وَمُنِعُوا مِنَ الْفِتْنَةِ، وَسَكَنَ النَّاسُ وَكَتَبَ أَهْلُ الْكَرْخِ عَلَى أَبْوَابِ مَسَاجِدِهِمْ: خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُثْمَانُ ثُمَّ عَلِّيٌ، وَمِنْ عِنْدَ هَذَا الْيَوْمِ ثَارَ أَهْلُ الْكَرْخِ، وَقَصَدُوا شَارِعَ ابْنِ أَبِي عَوْفٍ وَنَهَبُوهُ. وَفِي جُمْلَةِ مَا نَهَبُوا دَارُ أَبِي الْفَضْلِ بْنِ خَيْرُونَ الْمُعَدَّلِ، فَقَصَدَ الدِّيوَانَ مُسْتَنْفِرًا، وَمَعَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>