فَانْفَرَدَ الْقَائِدُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَنْكُوتٍ بِمَازَرَ وَطَرَابُنُشَ وَغَيْرِهِمَا، وَانْفَرَدَ الْقَائِدُ عَلِيُّ بْنُ نِعْمَةَ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْحَوَّاسِ، بِقَصْرِيَانَةَ وَجُرْجِنْتَ وَغَيْرِهِمَا، وَانْفَرَدَ ابْنُ الثِّمْنَةِ بِمَدِينَةِ سَرَقُوسَةَ، وَقَطَانِيَّةَ، وَتَزَوُّجَ بِأُخْتِ ابْنِ الْحَوَّاسِ.
ثُمَّ إِنَّهُ جَرَى (بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا) كَلَامٌ فَأَغْلَظَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ، وَهُوَ سَكْرَانٌ، فَأَمَرَ ابْنُ الثِّمْنَةِ بِفَصْدِهَا فِي عَضُدَيْهَا، وَتَرْكِهَا لِتَمُوتَ، فَسَمِعَ وَلَدُهُ إِبْرَاهِيمُ، فَحَضَرَ، وَأَحْضَرَ الْأَطِبَّاءَ، وَعَالَجَهَا إِلَى أَنْ عَادَتْ قُوَّتُهَا، وَلَمَّا أَصْبَحَ أَبُوهُ نَدِمَ، وَاعْتَذَرَ إِلَيْهَا بِالسُّكْرِ، فَأَظْهَرَتْ قَبُولَ عُذْرِهِ.
ثُمَّ إِنَّهَا طَلَبَتْ مِنْهُ بَعْدَ مُدَّةٍ أَنْ تَزُورَ أَخَاهَا، فَأَذِنَ لَهَا، وَسَيَّرَ مَعَهَا التُّحَفَ وَالْهَدَايَا، فَلَمَّا وَصَلَتْ ذَكَرَتْ لِأَخِيهَا مَا فَعَلَ بِهَا، فَحَلَفَ أَنَّهُ لَا يُعِيدُهَا إِلَيْهِ، فَأَرْسَلَ ابْنُ الثِّمْنَةِ يَطْلُبُهَا، فَلَمْ يَرُدَّهَا إِلَيْهِ، فَجَمَعَ ابْنُ الثِّمْنَةِ عَسْكَرَهُ، وَكَانَ قَدْ اسْتَوْلَى عَلَى أَكْثَرِ الْجَزِيرَةِ، وَخُطِبَ لَهُ بِالْمَدِينَةِ، وَسَارَ، وَحَصَرَ ابْنَ الْحَوَّاسِ بِقَصْرِيَانَةَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ فَقَاتَلَهُ، فَانْهَزَمَ ابْنُ الثِّمْنَةِ، وَتَبِعَهُ إِلَى قُرْبِ مَدِينَتِهِ قَطَانِيَّةَ، وَعَادَ عَنْهُ بَعْدَ أَنْ قَتَلَ مِنْ أَصْحَابِهِ فَأَكْثَرَ.
فَلَمَّا رَأَى ابْنُ الثِّمْنَةِ أَنَّ عَسَاكِرَهُ قَدْ تَمَزَّقَتْ، سَوَّلَتْ لَهُ نَفْسُهُ الِانْتِصَارَ بِالْكُفَّارِ لِمَا يُرِيدُهُ اللَّهُ تَعَالَى، فَسَارَ إِلَى مَدِينَةِ مَالْطَةَ، وَهِيَ بِيَدِ الْفِرِنْجِ قَدْ مَلَكُوهَا لَمَّا خَرَجَ بَرْدَوِيلُ الْفِرِنْجِيُّ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَاسْتَوْطَنَهَا الْفِرِنْجُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute