ذَكَرَهُمْ إِلَى الْحِجَازِ وَالْيَمَنِ، وَيَكُونُ أَمْرُهُمْ إِلَى سَعْدِ الدَّوْلَةِ كُوهَرَائِينَ، لِيَفْتَحُوا الْبِلَادَ هُنَاكَ، فَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ سَعْدُ الدَّوْلَةِ أَمِيرًا اسْمُهُ تَرَشْكُ، فَسَارُوا حَتَّى وَرَدُوا الْيَمَنَ، فَاسْتَوْلَوْا عَلَيْهَا، وَأَسَاءُوا السِّيرَةَ فِي أَهْلِهَا، وَلَمْ يَتْرُكُوا فَاحِشَةً وَلَا سَيِّئَةَ إِلَّا ارْتَكَبُوهَا، وَمَلَكُوا عَدَنَ، وَظَهَرَ عَلَى تَرَشْكَ الْجُدَرِيُّ، فَتُوُفِّيَ فِي سَابِعِ يَوْمٍ مِنْ وُصُولِهِ إِلَيْهَا، وَكَانَ عُمُرُهُ سَبْعِينَ سَنَةً، فَعَادَ أَصْحَابُهُ إِلَى بَغْدَاذَ، وَحَمَلُوهُ، فَدَفَنُوهُ عِنْدَ قَبْرِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ -
ذِكْرُ مَقْتَلِ نِظَامِ الْمُلْكِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، عَاشِرِ رَمَضَانَ، قُتِلَ نِظَامُ الْمُلْكِ أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِسْحَاقَ الْوَزِيرُ بِالْقُرْبِ مِنْ نَهَاوَنْدَ، وَكَانَ هُوَ وَالسُّلْطَانُ فِي أَصْبَهَانَ، وَقَدْ عَادَ إِلَى بَغْدَاذَ، فَلَمَّا كَانَ بِهَذَا الْمَكَانِ، بَعْدَ أَنْ فَرِغَ مِنْ إِفْطَارِهِ، وَخَرَجَ فِي مِحَفَّتِهِ إِلَى خَيْمَةِ حَرَمِهِ، أَتَاهُ صَبِيٌّ دَيْلَمِيٌّ مِنَ الْبَاطِنِيَّةِ، فِي صُورَةِ مُسْتَمِيحٍ، أَوْ مُسْتَغِيثٍ فَضَرَبَهُ بِسِكِّينٍ كَانَتْ مَعَهُ، فَقَضَى عَلَيْهِ، وَهَرَبَ، فَعَثَرَ بِطُنُبِ خَيْمَةٍ، فَأَدْرَكُوهُ فَقَتَلُوهُ، وَرَكِبَ السُّلْطَانُ إِلَى خِيَمِهِ، فَسَكَنَ عَسْكَرُهُ، وَأَصْحَابُهُ.
وَبَقِيَ وَزِيرُ السُّلْطَانِ ثَلَاثِينَ سَنَةً سِوَى مَا وَزَرَ لِلسُّلْطَانِ أَلْب أَرْسِلَانَ، صَاحِبِ خُرَاسَانَ، أَيَّامَ عَمِّهِ طُغْرُلْبُكَ، قَبْلَ أَنْ يَتَوَلَّى السَّلْطَنَةَ، وَكَانَ عَلَتْ سِنُّهُ، فَإِنَّهُ كَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ.
وَكَانَ سَبَبُ قَتْلِهِ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ جَمَالِ الْمُلْكِ بْنِ نِظَامِ الْمُلْكِ كَانَ قَدْ وَلَّاهُ جَدُّهُ نِظَامُ الْمُلْكِ رِئَاسَةَ مَرْوٍ، وَأَرْسَلَ السُّلْطَانُ إِلَيْهَا شِحْنَةً يُقَالُ لَهُ قَوْدَنُ، وَهُوَ مَنْ أَكْبَرِ مَمَالِيكِهِ، وَمِنْ أَعْظَمِ الْأُمَرَاءِ فِي دَوْلَتِهِ، فَجَرَى بَيْنَهُ، وَبَيْنَ عُثْمَانَ مُنَازَعَةٌ فِي شَيْءٍ، فَحَمَلَتْ عُثْمَانَ حَدَاثَةُ سِنِّهِ، وَتَمَكُّنُهُ، وَطَمَعُهُ بِجَدِّهِ، عَلَى أَنْ قَبَضَ عَلَيْهِ، وَأَخْرَقَ بِهِ، ثُمَّ أَطْلَقَهُ، فَقَصَدَ السُّلْطَانَ مُسْتَغِيثًا شَاكِيًا، فَأَرْسَلَ السُّلْطَانُ إِلَى نِظَامِ الْمُلْكِ رِسَالَةً (مَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute