تَاجِ الدَّوْلَةِ) وَمَجْدِ الْمُلْكِ الْبَلَاسَانِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَرْبَابِ دَوْلَتِهِ يَقُولُ لَهُ: إِنْ كُنْتَ شَرِيكِي فِي الْمُلْكِ، وَيَدُكَ مَعَ يَدِي فِي السَّلْطَنَةِ، فَلِذَلِكَ حُكْمٌ، وَإِنْ كُنْتَ نَائِبِي، وَبِحُكْمِي، فَيَجِبُ أَنْ تَلْزَمَ حَدَّ التَّبَعِيَّةِ وَالنِّيَابَةِ، وَهَؤُلَاءِ أَوْلَادُكَ قَدِ اسْتَوْلَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى كَوْرَةٍ عَظِيمَةٍ، وَوَلِيَ وِلَايَةَ كَبِيرَةً، وَلَمْ يُقْنِعْهُمْ ذَلِكَ، حَتَّى تَجَاوَزُوا أَمْرَ السِّيَاسَةِ وَطَمِعُوا إِلَى أَنْ فَعَلُوا كَذَا وَكَذَا، وَأَطَالَ الْقَوْلَ، وَأَرْسَلَ مَعَهُمُ الْأَمِيرَ يَلْبُرَدْ، وَكَانَ مِنْ خَوَاصِّهِ وَثِقَاتِهِ، وَقَالَ لَهُ: تُعَرِّفُنِي مَا يَقُولُ، فَرُبَّمَا كَتَمَ هَؤُلَاءِ شَيْئًا.
فَحَضَرُوا عِنْدَ نِظَامِ الْمُلْكِ وَأَوْرَدُوا عَلَيْهِ الرِّسَالَةَ، فَقَالَ لَهُمْ: قُولُوا لِلسُّلْطَانِ إِنْ كُنْتَ مَا عَلِمْتَ أَنِّي شَرِيكُكَ فِي الْمُلْكِ فَاعْلَمْ، فَإِنَّكَ مَا نِلْتَ هَذَا الْأَمْرَ إِلَّا بِتَدْبِيرِي وَرَأْيِي، أَمَا يَذْكُرُ حِينَ قُتِلَ أَبُوهُ فَقُمْتُ بِتَدْبِيرِ أَمْرِهِ، وَقَمَعْتُ الْخَوَارِجَ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِهِ، وَغَيْرِهِمْ، مِنْهُمْ: فُلَانٌ وَفُلَانٌ، وَذَكَرَ جَمَاعَةَ مَنْ خَرَجَ عَلَيْهِ، وَهُوَ ذَلِكَ الْوَقْتَ يَتَمَسَّكُ بِي وَيَلْزَمُنِي، وَلَا يُخَالِفُنِي، فَلَمَّا قُدْتُ الْأُمُورَ إِلَيْهِ، وَجَمَعْتُ الْكَلِمَةَ عَلَيْهِ، وَفَتَحْتُ لَهُ الْأَمْصَارَ الْقَرِيبَةَ، وَالْبَعِيدَةَ، وَأَطَاعَهُ الْقَاصِي، وَالدَّانِي، أَقْبَلَ يَتَجَنَّى لِي الذُّنُوبَ، وَيَسْمَعُ فِي السِّعَايَاتِ؟ قُولُوا لَهُ عَنِّي: إِنَّ ثَبَاتَ تِلْكَ الْقَلَنْسُوَةِ مَعْذُوقٌ بِهَذِهِ الدَّوَاةِ، وَإِنَّ اتِّفَاقَهُمَا رِبَاطُ كُلِّ رَغِيبَةٍ وَسَبَبُ كُلِّ غَنِيمَةٍ، وَمَتَى أَطْبَقْتُ هَذِهِ زَالَتْ تِلْكَ، فَإِنْ عَزَمَ عَلَى تَغْيِيرٍ فَلْيَتَزَوَّدْ لِلِاحْتِيَاطِ قَبْلَ وُقُوعِهِ، وَلِيَأْخُذِ الْحَذَرَ مِنَ الْحَادِثِ أَمَامَ طُرُوقِهِ، وَأَطَالَ فِيمَا هَذَا سَبِيلُهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: قُولُوا لِلسُّلْطَانِ عَنِّي مَهْمَا أَرَدْتُمْ، فَقَدْ أَهَمَّنِي مَا لَحِقَنِي مِنْ تَوْبِيخِهِ، وَفَتَّ فِي عَضُدِي.
فَلَمَّا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ اتَّفَقُوا عَلَى كِتْمَانِ مَا جَرَى عَنِ السُّلْطَانِ، وَأَنْ يَقُولُوا لَهُ مَا مَضْمُونُهُ الْعُبُودِيَّةُ وَالتَّنَصُّلُ، وَمَضَوْا إِلَى مَنَازِلِهِمْ، وَكَانَ اللَّيْلُ قَدِ انْتَصَفَ، وَمَضَى يِلْبَرْدُ إِلَى السُّلْطَانِ فَأَعْلَمَهُ مَا جَرَى، وَبَكَّرَ الْجَمَاعَةُ إِلَى السُّلْطَانِ، وَهُوَ يَنْتَظِرُهُمْ، فَقَالُوا لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute