إِنِّي لَسْتُ مِنْ أَهْلِ هَذَا الشَّأْنِ - لَمَّا تَوَلَّاهُ - وَلَكِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَجْعَلَ نَفْسِي عَلَى قِطَارِ نَقَلَةِ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَكَانَ إِذَا سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ أَمْسَكَ عَنْ كُلِّ مَا هُوَ فِيهِ وَتَجَنَّبَهُ، فَإِذَا فَرَغَ لَا يَبْدَأُ بِشَيْءٍ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَكَانَ إِذَا غَفَلَ الْمُؤَذِّنُ، وَدَخَلَ الْوَقْتُ يَأْمُرُهُ بِالْأَذَانِ، وَهَذَا غَايَةُ حَالِ الْمُنْقَطِعِينَ إِلَى الْعِبَادَةِ فِي حِفْظِ الْأَوْقَاتِ، وَلُزُومِ الصَّلَوَاتِ.
وَأَسْقَطَ الْمُكُوسَ، وَالضَّرَائِبَ، وَأَزَالَ لَعْنَ الْأَشْعَرِيَّةِ مِنَ الْمَنَابِرِ، وَكَانَ الْوَزِيرُ عَمِيدُ الْمُلْكِ الْكُنْدُرِيُّ قَدْ حَسَّنَ لِلسُّلْطَانِ طُغْرُلْبُكَ التَّقَدُّمَ بِلَعْنِ الرَّافِضَةِ، فَأَمَرَهُ بِذَلِكَ، فَأَضَافَ إِلَيْهِمُ الْأَشْعَرِيَّةَ، وَلَعَنَ الْجَمِيعَ، فَلِهَذَا فَارَقَ كَثِيرٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ بِلَادَهُمْ، مِثْلُ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ، وَأَبِي الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيِّ، وَغَيْرِهِمَا، فَلَمَّا وَلِيَ أَلْب أَرْسِلَانَ السَّلْطَنَةَ أَسْقَطَ نِظَامُ الْمُلْكِ ذَلِكَ جَمِيعَهُ، وَأَعَادَ الْعُلَمَاءَ إِلَى أَوْطَانِهِمْ.
وَكَانَ نِظَامُ الْمُلْكِ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ، وَالْإِمَامُ أَبُو الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيُّ، يَقُومُ لَهُمَا، وَيَجْلِسُ فِي مُسْنَدِهِ، كَمَا هُوَ، وَإِذَا دَخَلَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارْمَذِيُّ يَقُومُ (إِلَيْهِ، وَيُجْلِسُهُ فِي مَكَانِهِ) ، وَيَجْلِسُ هُوَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَيْنِ وَأَمْثَالَهُمَا إِذَا دَخَلُوا عَلَيَّ يَقُولُونَ لِي: أَنْتَ كَذَا وَكَذَا، يُثْنُونَ عَلَيَّ بِمَا (لَيْسَ فِيَّ) ، فَيَزِيدُنِي كَلَامُهُمْ عُجْبًا وَتِيهًا، وَهَذَا الشَّيْخُ يَذْكُرُ لِي عُيُوبَ نَفْسِي، وَمَا أَنَا فِيهِ مِنَ الظُّلْمِ، فَتَنْكَسِرُ نَفْسِي لِذَلِكَ، وَأَرْجِعُ عَنْ كَثِيرٍ مِمَّا أَنَا فِيهِ.
وَقَالَ نِظَامُ الْمُلْكِ:
كُنْتُ أَتَمَنَّى أَنْ يَكُونَ لِي قَرْيَةٌ خَالِصَةٌ، وَمَسْجِدٌ أَنْفَرِدُ فِيهِ لِعِبَادَةِ رَبِّي، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَمَنَّيْتُ أَنْ يَكُونَ لِي قِطْعَةُ أَرْضٍ أَتَقَوَّتُ بِرِيعِهَا، (وَمَسْجِدٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute