أَعْبُدُ اللَّهَ فِيهِ) ، وَأَمَّا الْآنَ فَأَنَا أَتَمَنَّى أَنْ يَكُونَ لِي رَغِيفٌ كُلَّ يَوْمٍ، وَمَسْجِدٌ أَعْبُدُ اللَّهَ فِيهِ.
وَقِيلَ: كَانَ لَيْلَةً يَأْكُلُ الطَّعَامَ، وَبِجَانِبِهِ أَخُوهُ أَبُو الْقَاسِمِ، وَبِالْجَانِبِ الْآخَرِ عَمِيدُ خُرَاسَانَ، وَإِلَى جَانِبِ الْعَمِيدِ إِنْسَانٌ فَقِيرٌ، مَقْطُوعُ الْيَدِ، فَنَظَرَ نِظَامُ الْمُلْكِ، فَرَأَى الْعَمِيدَ يَتَجَنَّبُ الْأَكْلَ مَعَ الْمَقْطُوعِ، فَأَمَرَهُ بِالِانْتِقَالِ إِلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ، وَقَرَّبَ الْمَقْطُوعَ إِلَيْهِ فَأَكَلَ مَعَهُ.
وَكَانَتْ عَادَتُهُ أَنْ يَحْضُرَ الْفُقَرَاءُ طَعَامَهُ، وَيُقَرِّبَهُمْ إِلَيْهِ، وَيُدْنِيَهُمْ. وَأَخْبَارُهُ مَشْهُورَةٌ كَثِيرَةٌ، قَدْ جُمِعَتْ لَهَا الْمَجَامِيعُ السَّائِرَةُ فِي الْبِلَادِ.
ذِكْرُ وَفَاةِ السُّلْطَانِ، وَذِكْرُ بَعْضِ سِيرَتِهِ
سَارَ السُّلْطَانُ مَلِكْشَاهْ، بَعْدَ قَتْلِ نِظَامِ الْمُلْكِ، إِلَى بَغْدَاذَ، وَدَخَلَهَا فِي الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَلَقِيَهُ وَزِيرُ الْخَلِيفَةِ عَمِيدُ الدَّوْلَةِ بْنُ جَهِيرٍ، وَظَهَرَتْ مِنْ تَاجِ الْمُلْكِ كِفَايَةٌ عَظِيمَةٌ، وَكَانَ السُّلْطَانُ قَدْ أَمَرَ أَنْ تُفَصَّلَ خِلَعُ الْوِزَارَةِ لِتَاجِ الْمُلْكِ، وَكَانَ هُوَ الَّذِي سَعَى بِنِظَامِ الْمُلْكِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْخِلَعِ، وَلَمْ يَبْقَ غَيْرُ لَبْسِهَا، وَالْجُلُوسِ فِي الدَّسْتِ، اتَّفَقَ أَنَّ السُّلْطَانَ خَرَجَ إِلَى الصَّيْدِ، وَعَادَ ثَالِثَ شَوَّالَ مَرِيضًا، وَأَنْشَبَ الْمَوْتُ أَظْفَاِرَهُ فِيهِ، وَلَمْ يَمْنَعْ عَنْهُ سَعَةَ مُلْكِهِ، وَكَثْرَةَ عَسَاكِرِهِ.
وَكَانَ سَبَبُ مَرَضِهِ أَنَّهُ أَكَلَ لَحْمَ صَيْدٍ فَحُمَّ وَافْتُصِدَ، وَلَمْ يُسْتَوْفَ إِخْرَاجُ الدَّمِ، فَثَقُلَ مَرَضُهُ، وَكَانَتْ حُمَّى مُحْرِقَةً، فَتُوُفِّيَ لَيْلَةَ الْجُمْعَةِ، النِّصْفَ مِنْ شَوَّالَ.
وَلَمَّا ثَقُلَ نَقَلَ أَرْبَابُ دَوْلَتِهِ أَمْوَالَهُمْ إِلَى حَرِيمِ دَارِ الْخِلَافَةِ، وَلَمَّا تُوُفِّيَ سَتَرَتْ زَوْجَتُهُ تُرْكَانُ خَاتُونَ - الْمَعْرُوفَةُ بِخَاتُونَ الْجَلَالِيَّةِ - مَوْتَهُ، وَكَتَمَتْهُ، وَأَعَادَتْ جَعْفَرًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute