للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالْتَقَى الْعَسْكَرَانِ بِالْقُرْبِ مِنْ بَرُوجِرْدَ، فَانْحَازَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأُمَرَاءِ الَّذِينَ فِي عَسْكَرِ خَاتُونَ إِلَى بَرْكِيَارُقَ، مِنْهُمُ: الْأَمِيرُ يَلْبُرَدُ وَكَمُشْتَكِينُ الْجَانْدَارُ، وَغَيْرُهُمَا، فَقَوِيَ بِهِمْ، وَجَرَتِ الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ أَوَاخِرَ ذِي الْحِجَّةِ، وَاشْتَدَّ الْقِتَالُ فَانْهَزَمَ عَسْكَرُ خَاتُونَ وَعَادُوا إِلَى أَصْبَهَانَ، وَسَارَ بَرْكِيَارُقُ فِي أَثَرِهِمْ فَحَصَرَهُمْ بِأَصْبَهَانَ.

ذِكْرُ قَتْلِ تَاجِ الْمُلْكِ كَانَ تَاجُ الْمُلْكِ مَعَ عَسْكَرِ خَاتُونَ، وَشَهِدَ الْوَقْعَةَ، فَهَرَبَ إِلَى نُوَاحِي بَرُوجِرْدَ، فَأُخِذَ وَحُمِلَ إِلَى عَسْكَرِ بَرْكِيَارُقَ، وَهُوَ يُحَاصِرُ أَصْبَهَانَ، وَكَانَ يَعْرِفُ كِفَايَتَهُ، فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَوْزِرَهُ، فَشَرَعَ تَاجُ الْمُلْكِ فِي إِصْلَاحِ كِبَارِ النِّظَامِيَّةِ، وَفَرَّقَ فِيهِمْ مِائَتَيْ أَلْفِ دِينَارٍ سِوَى الْعُرُوضِ، فَزَالَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ.

فَلَمَّا بَلَغَ عُثْمَانَ نَائِبَ نِظَامِ الْمُلْكِ الْخَبَرُ سَاءَهُ، فَوَضَعَ الْغِلْمَانَ الْأَصَاغِرَ عَلَى الِاسْتِغَاثَةِ، وَأَنْ لَا يَقْنَعُوا إِلَّا بِقَتْلِ قَاتِلِ صَاحِبِهِمْ، فَفَعَلُوا، فَانْفَسَخَ مَا دَبَّرَهُ تَاجُ الْمُلْكِ، وَهَجَمَ النِّظَامِيَّةُ عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ، وَفَصَلُوهُ أَجْزَاءً، وَكَانَ قَتْلُهُ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ [وَأَرْبَعِمِائَةٍ] ، وَحُمِلَتْ إِلَى بَغْدَاذَ إِحْدَى أَصَابِعِهِ.

وَكَانَ كَثِيرَ الْفَضَائِلِ، جَمَّ الْمَنَاقِبِ، وَإِنَّمَا غَطَّى جَمِيعَ مَحَاسِنِهِ مُمَالَأَتُهُ عَلَى قَتْلِ نِظَامِ الْمُلْكِ، وَهُوَ الَّذِي بَنَى تُرْبَةَ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ، وَعَمِلَ الْمَدْرَسَةَ الَّتِي إِلَى جَانِبِهَا، وَرَتَّبَ بِهَا الشَّيْخَ أَبَا بَكْرٍ الشَّاشِيَّ، وَكَانَ عُمُرُهُ حِينَ قُتِلَ سَبْعًا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>