ذِكْرُ مَا فَعَلَهُ الْعَرَبُ بِالْحُجَّاجِ وَالْكُوفَةِ
سَارَ الْحُجَّاجُ هَذِهِ السَّنَةَ مِنْ بَغْدَاذَ، فَقَدِمُوا الْكُوفَةَ، وَرَحَلُوا مِنْهَا فَخَرَجَتْ عَلَيْهِمْ خَفَاجَةُ، وَقَدْ طَمِعُوا بِمَوْتِ السُّلْطَانِ، وَبُعْدِ الْعَسْكَرِ، فَأَوْقَعُوا بِهِمْ، وَقَتَلُوا أَكْثَرَ الْجُنْدِ الَّذِينَ مَعَهُمْ، وَانْهَزَمَ بَاقِيهِمْ، وَنَهَبُوا الْحُجَّاجَ، وَقَصَدُوا الْكُوفَةَ فَدَخَلُوهَا، وَأَغَارُوا عَلَيْهَا، وَقَتَلُوا فِي أَهْلِهَا، فَرَمَاهُمُ النَّاسُ بِالنُّشَّابِ، فَخَرَجُوا بَعْدَ أَنْ نَهَبُوا، وَأَخَذُوا ثِيَابَ مَنْ لَقُوهُ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، فَوَصَلَ الْخَبَرُ إِلَى بَغْدَاذَ، فَسُيِّرَتِ الْعَسَاكِرُ مِنْهَا، فَلَمَّا سَمِعَ بِهِمْ بَنُو خَفَاجَةَ انْهَزَمُوا، فَأَدْرَكَهُمُ الْعَسْكَرُ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَنُهِبَتْ أَمْوَالُهُمْ، وَضَعُفَتْ خَفَاجَةُ بَعْدَ هَذِهِ الْوَقْعَةِ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِيهَا، فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، عَادَ السُّلْطَانُ مَنْ بَغْدَاذَ إِلَى أَصْبَهَانَ، وَأَخَذَ مَعَهُ الْأَمِيرَ أَبَا الْفَضْلِ جَعْفَرَ ابْنَ الْخَلِيفَةِ الْمُقْتَدِي بِأَمْرِ اللَّهِ مِنِ ابْنَةِ السُّلْطَانِ، وَتَفَرَّقَ الْأُمَرَاءُ إِلَى بِلَادِهِمْ، (ثُمَّ عَادَ إِلَى بَغْدَاذَ، فَتُوُفِّيَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ) .
وَفِيهَا، فِي جُمَادَى الْأُولَى، احْتَرَقَ نَهْرُ الْمُعَلَّى، فَاحْتَرَقَ عَقْدُ الْحَدِيدِ إِلَى خَرِبَةِ الْهَرَّاسِ، إِلَى بَابِ دَارِ الضَّرْبِ، وَاحْتَرَقَ سُوقُ الصَّاغَةِ وَالصَّيَارِفِ، وَالْمُخَلِّطِينَ، وَالرَّيْحَانِيِّينَ، وَكَانَ الْحَرِيقُ مِنَ الظَّهْرِ إِلَى الْعَصْرِ، فَاحْتَرَقَ مِنْهَا الْأَمْرُ الْعَظِيمُ فِي الزَّمَانِ الْقَلِيلِ، وَاحْتَرَقَ مِنَ النَّاسِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، ثُمَّ رَكِبَ عَمِيدُ الدَّوْلَةِ بْنُ جَهِيرٍ، وَزِيرُ الْخَلِيفَةِ، وَجَمَعَ السَّقَّائِينَ، وَلَمْ يَزَلْ رَاكِبًا حَتَّى طُفِئَتِ النَّارُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute