فَصَالَحَهُ، وَصَارَ مَعَهُ، وَأَرْسَلَ إِلَى يَاغِي سِيَانَ، صَاحِبِ أَنْطَاكِيَةَ، وَإِلَى بُوزَانَ، صَاحِبِ الرُّهَا وَحَرَّانَ، يُشِيرُ عَلَيْهِمَا بِطَاعَةِ تَاجِ الدَّوْلَةِ تُتُشْ حَتَّى يَرَوْا مَا يَكُونُ مِنْ أَوْلَادِ مَلِكْشَاهْ، فَفَعَلُوا، وَصَارُوا مَعَهُ، وَخَطَبُوا لَهُ فِي بِلَادِهِمْ، وَقَصَدُوا الرَّحْبَةَ، فَحَصَرُوهَا، وَمَلَكُوهَا فِي الْمُحَرَّمِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَخَطَبَ لِنَفْسِهِ بِالسَّلْطَنَةِ.
ثُمَّ سَارَ إِلَى نَصِيبِينَ، فَحَصَرُوهَا، فَسَبَّ أَهْلُهَا تَاجَ الدَّوْلَةِ، فَفَتَحَهَا عَنْوَةً وَقَهَرًا، وَقَتَلَ مِنْ أَهْلِهَا خَلْقًا كَثِيرًا، وَنُهِبَتِ الْأَمْوَالُ، وَفُعِلَ فِيهَا الْأَفْعَالُ الْقَبِيحَةُ، ثُمَّ سَلَّمَهَا إِلَى الْأَمِيرِ مُحَمَّدِ بْنِ شَرَفِ الدَّوْلَةِ الْعُقَيْلِيِّ، وَسَارَ يُرِيدُ الْمَوْصِلَ، وَأَتَاهُ الْكَافِي بْنُ فَخْرِ الدَّوْلَةِ بْنِ جَهِيرٍ، وَكَانَ فِي جَزِيرَةِ ابْنِ عُمَرَ، فَأَكْرَمَهُ، وَاسْتَوْزَرَهُ.
ذِكْرُ وَقْعَةِ الْمُضَيَّعِ، وَأَخْذِ الْمَوْصِلِ مِنَ الْعَرَبِ كَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ قُرَيْشِ بْنِ بَدْرَانَ، أَمِيرُ بُنِيَ عُقَيْلٍ، قَدِ اسْتَدْعَاهُ السُّلْطَانُ مَلِكْشَاهْ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ لِيُحَاسِبَهُ، فَلَمَّا حَضَرَ عِنْدَهُ اعْتَقَلَهُ، وَأَنْفَذَ فَخْرَ الدَّوْلَةِ بْنَ جَهِيرٍ إِلَى الْبِلَادِ، فَمَلَكَ الْمَوْصِلَ وَغَيْرَهَا، وَبَقِيَ إِبْرَاهِيمُ مَعَ مَلِكْشَاهْ، وَسَارَ مَعَهُ إِلَى سَمَرْقَنْدَ، وَعَادَ إِلَى بَغْدَاذَ، فَلَمَّا مَاتَ مَلِكْشَاهْ أَطْلَقَتْهُ تُرْكَانُ خَاتُّونَ مِنَ الِاعْتِقَالِ، فَسَارَ إِلَى الْمَوْصِلِ.
وَكَانَ مَلِكْشَاهْ قَدْ أَقْطَعَ عَمَّتَهُ صَفِيَّةَ مَدِينَةَ بَلَدَ، وَكَانَتْ زَوْجَةُ شَرَفِ الدَّوْلَةِ، وَلَهَا مِنْهُ ابْنُهَا عَلِيٌّ، وَكَانَتْ قَدْ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ شَرَفِ الدَّوْلَةِ بِأَخِيهِ إِبْرَاهِيمَ، فَلَمَّا مَاتَ مَلِكْشَاهْ قَصَدَتِ الْمَوْصِلَ، وَمَعَهَا ابْنُهَا عَلِيٌّ، فَقَصَدَهَا مُحَمَّدُ بْنُ شَرَفِ الدَّوْلَةِ، وَأَرَادَ أَخْذَ الْمَوْصِلِ، فَافْتَرَقَتِ الْعَرَبُ فِرْقَتَيْنِ: فَرِقَةً مَعَهُ، وَأُخْرَى مَعَ صَفِيَّةَ وَابْنِهَا عَلِيٍّ، وَاقْتَتَلُوا بِالْمَوْصِلِ عِنْدَ الْكُنَاسَةِ، فَظَفِرَ عَلِيٌّ، وَانْهَزَمَ مُحَمَّدٌ، وَمَلِكَ عَلِيٌّ الْمَوْصِلَ.
فَلَمَّا وَصَلَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى جُهَيْنَةَ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَوْصِلِ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ، سَمِعَ أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute