فَلَمَّا أُطْلِقَا سَارَا وَاجْتَمَعَ عَلَيْهِمَا كَثِيرٌ مِنَ الْعَسَاكِرِ الْبَطَّالِينَ، فَأَتَيَا حَرَّانَ فَتَسَلَّمَاهَا، وَكَاتَبَهُمَا مُحَمَّدُ بْنُ شَرَفِ الدَّوْلَةِ مُسْلِمِ بْنِ قُرَيْشٍ، وَهُوَ بِنَصِيبِينَ، وَمَعَهُ ثَرْوَانُ بْنُ وَهِيبٍ، وَأَبُو الْهَيْجَاءِ الْكُرْدِيُّ، يَسْتَنْصِرُونَ بِهِمَا عَلَى الْأَمِيرِ عَلِيِّ بْنِ شَرَفِ الدَّوْلَةِ، وَكَانَ بِالْمَوْصِلِ قَدْ جَعَلَهُ بِهَا تَاجُ الدَّوْلَةِ تُتُشْ بَعْدَ وَقْعَةِ الْمُضَيَّعِ.
فَسَارَ كَرْبُوقَا إِلَيْهِمْ، فَلَقِيَهُ مُحَمَّدُ بْنُ شَرَفِ الدَّوْلَةِ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ نَصِيبِينَ، وَاسْتَخْلَفَهُمَا لِنَفْسِهِ، فَقَبَضَ عَلَيْهِ كَرْبُوقَا بَعْدَ الْيَمِينِ، وَحَمَلَهُ مَعَهُ، وَأَتَى نَصِيبِينَ، فَامْتَنَعَتْ عَلَيْهِ، فَحَصَرَهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَتَسَلَّمَهَا، وَسَارَ إِلَى الْمَوْصِلِ فَحَصَرَهَا، فَلَمْ يَظْفَرْ مِنْهَا بِشَيْءٍ، فَسَارَ عَنْهَا إِلَى بَلَدٍ، وَقَتَلَ بِهَا مُحَمَّدَ بْنَ شَرَفِ الدَّوْلَةِ، وَغَرَّقَهُ، وَعَادَ إِلَى حِصَارِ الْمَوْصِلِ، وَنَزَلَ عَلَى فَرْسَخٍ مِنْهَا بِقَرْيَةٍ بَاحَلَافَةَ، وَتَرَكَ الْتُونْتَاشَ شَرْقِيَّ الْمَوْصِلِ، فَاسْتَنْجَدَ عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ صَاحِبُهَا بِالْأَمِيرِ جَكَرْمَشَ، صَاحِبِ جَزِيرَةِ ابْنِ عُمَرَ، فَسَارَ إِلَيْهِ نَجْدَةً لَهُ، فَلَمَّا عَلِمَ الْتُونْتَاشُ بِذَلِكَ سَارَ إِلَى طَرِيقِهِ، فَقَاتَلَهُ، فَانْهَزَمَ جَكَرْمَشُ، وَعَادَ إِلَى الْجَزِيرَةِ مُنْهَزِمًا، وَصَارَ فِي طَاعَةِ كَرْبُوقَا، وَأَعَانَهُ عَلَى حَصْرِ الْمَوْصِلِ، وَعُدِمَتِ الْأَقْوَاتُ بِهَا، وَكُلُّ شَيْءٍ، حَتَّى مَا يُوقِدُونَهُ، فَأَوْقَدُوا الْقِيرَ، وَحَبَّ الْقُطْنِ.
فَلَمَّا ضَاقَ بِصَاحِبِهَا عَلِيٍّ الْأَمْرُ فَارَقَهَا وَسَارَ إِلَى صَدَقَةَ بْنِ مَزْيَدٍ بِالْحِلَّةِ، وَتَسَلَّمَ كَرْبُوقَا الْبَلَدَ بَعْدَ أَنْ حَصَرَهُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، وَخَافَهُ أَهْلُهُ لِأَنَّهُمْ بَلَغَهُمْ أَنَّ الْتُونْتَاشَ يُرِيدُ نَهْبَهُمْ، وَأَنَّ كَرْبُوقَا يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ، فَاشْتَغَلَ الْتُونَتَاشُ بِالْقَبْضِ عَلَى أَعْيَانِ الْبَلَدِ، وَمُطَالَبَتِهِمْ بِوَدَائِعِ الْبَلَدِ، وَاسْتَطَالَ عَلَى كَرْبُوقَا، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ، فَقُتِلَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ، وَأَمِنَ النَّاسُ شَرَّهُ، وَأَحْسَنَ كَرْبُوقَا السِّيرَةَ فِيهِمْ، وَسَارَ نَحْوَ الرَّحْبَةِ، فَمُنِعَ عَنْهَا، فَمَلَكَهَا وَنَهَبَهَا وَاسْتَنَابَ بِهَا وَعَادَ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ اجْتَمَعَ سِتَّةُ كَوَاكِبَ فِي بُرْجِ الْحُوتِ، وَهِيَ الشَّمْسُ، وَالْقَمَرُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute